بِخِلَاف الْعِبَادَة فَالْعِبْرَة فِيهَا بِمَا فِي نفس الْأَمر وَظن الْمُكَلف
وَشرط فِي الصِّيغَة لفظ يشْعر بالمراد وتنجيز وَعدم تَوْقِيت وَتحصل الرّجْعَة بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَة فالصريح حَاصِل (براجعت زَوْجَتي) أَو رجعتك أَو ارتجعتك أَو أمسكتك أَو رددتك إِلَيّ فجملة أَلْفَاظ الصَّرِيح خَمْسَة وَفِي مَعْنَاهَا سَائِر مَا اشتق من مصادرها كَأَنْت مُرَاجعَة وَمَا كَانَ بالعجمية وَإِن أحسن الْعَرَبيَّة وَالْإِضَافَة إِلَيْهِ بِنَحْوِ إِلَى أَو إِلَى نِكَاحي فِي الرَّد وَاجِبَة فِي كَونه صَرِيحًا فَإِن لم تُوجد كَانَ كِنَايَة بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهَا سنة فَيَقُول راجعت زَوْجَتي لعقد نِكَاحي وأمسكتها على عصمتي أما الْإِضَافَة إِلَيْهَا فَلَا بُد مِنْهَا فِي جَمِيعهَا إِمَّا للاسم الْمظهر أَو للضمير أَو لاسم الْإِشَارَة كراجعت هَذِه فَإِن اقْتصر على راجعت كَانَ لَغوا إِلَّا إِذا وَقع جَوَابا لقَوْل شخص لَهُ التماسا أراجعت زَوجتك وَالْكِنَايَة نَحْو أعدت حلك وَرفعت تحريمك وتزوجتك ونكحتك واخترت حلك أَو اخْتَرْت رجعتك أَو أَنْت زَوْجَتي فَلَا بُد فِي ذَلِك من نِيَّة الرّجْعَة وَإِلَّا فَلَا تصح وترجمة الصَّرِيح صَرِيح وترجمة الْكِنَايَة كِنَايَة وَلَا يشْتَرط لصِحَّة الرّجْعَة الْإِشْهَاد عَلَيْهَا لِأَنَّهَا فِي حكم اسْتِدَامَة النِّكَاح وَمن ثمَّ لم يحْتَج لوَلِيّ وَلَا لرضاء الْمَرْأَة بل ينْدب الْإِشْهَاد قَالَ الزَّرْكَشِيّ فَفِي الْكِنَايَة يشْهد على اللَّفْظ وَيبقى النزاع فِي النِّيَّة لَكِن قَالَ الشبراملسي الْمُصدق الزَّوْج لِأَن النِّيَّة لَا تعرف إِلَّا مِنْهُ فَيقبل قَوْله فِيهَا وَلَو بعد انْقِضَاء الْعدة وَلَا تشْتَرط الشَّهَادَة على الْمَرْأَة مَعَ أَنَّهَا عماد النِّكَاح وَيحرم الِاسْتِمْتَاع بالرجعية وَلَو بِمُجَرَّد النّظر لِأَن النِّكَاح يبيحه فيحرمه الطَّلَاق لِأَنَّهُ ضِدّه فَإِن وطىء فَلَا حد وَإِن اعْتقد حُرْمَة الْوَطْء لِلْقَوْلِ الضَّعِيف فِي إِبَاحَته وَحُصُول الرّجْعَة بِهِ وَيُعَزر على الْوَطْء ومقدماته حَتَّى النّظر مُعْتَقد تَحْرِيمه بِخِلَاف مُعْتَقد حلّه وفاعل جَاهِل بِتَحْرِيمِهِ لإقدامه على مَعْصِيّة عِنْده
(وَلَو تزوج) أَي شخص حر أَو رَقِيق (مُفَارقَته بِدُونِ ثَلَاث) للْحرّ وَبِدُون ثِنْتَيْنِ للرقيق (وَلَو بعد زوج آخر) قبل الْإِصَابَة أَو بعْدهَا (عَادَتْ) لَهُ (ببقيته) أَي بَقِيَّة مَاله من عدد الطَّلَاق وَلَا يهدم الزَّوْج الثَّانِي مَا وَقع من الطَّلَاق وَاحْتج أَصْحَاب الشَّافِعِي بِمَا رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَمَّن طلق امْرَأَته طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَت عدتهَا فَتزوّجت غَيره وفارقها ثمَّ تزَوجهَا الأول فَقَالَ هِيَ عِنْده بِمَا بَقِي من الطَّلَاق وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا عَن عَليّ وَزيد ومعاذ وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُم وَبِذَلِك قَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَأَيْضًا أَن الطَّلقَة والطلقتين لَا يؤثران فِي التَّحْرِيم المحوج إِلَى زوج آخر فَالنِّكَاح الثَّانِي وَالدُّخُول فِيهِ لَا يهدمان الطَّلَاق كَوَطْء السَّيِّد الْأمة الْمُطلقَة وَهَذَا عندنَا خلافًا لأبي حنيفَة فِي قَوْله إِن النِّكَاح يهدم مَا وَقع فتعود لَهُ بِمَالِه وَهُوَ الثَّلَاث فِي الْحرَّة والثنتان فِي الْأمة لِأَن الْعبْرَة عِنْده بِالزَّوْجَةِ لَا بِالزَّوْجِ
فصل فِي الْعدة
وَهِي لُغَة مَأْخُوذَة من الْعدَد لاشتمالها عَلَيْهِ غَالِبا فَمن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute