للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَاب الْحَج وَالْعمْرَة

حَقِيقَة الْحَج شرعا قصد الْكَعْبَة للنسك الْآتِي بَيَانه مَعَ فعل الْأَركان الْآتِيَة

وَقَالَ ابْن الرّفْعَة هُوَ نفس الْأَفْعَال الْآتِيَة وَحَقِيقَة الْعمرَة شرعا قصد الْبَيْت للأفعال الْآتِيَة أَو نفس الْأَفْعَال والنسك آخر أَرْكَان الْإِسْلَام وَمَعْلُوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ فيكفر جاحده إِلَّا الْجَاهِل الْمَعْذُور بِأَن قرب عَهده بِالْإِسْلَامِ أَو نَشأ بَعيدا عَن الْعلمَاء وَهُوَ يكفر الصَّغَائِر والكبائر حَتَّى التَّبعَات على الْمُعْتَمد إِن مَاتَ فِي حجه أَو بعده وَقبل التَّمَكُّن من أَدَائِهَا لَكِن قَالَ الشبراملسي وتكفيره لما ذكر إِنَّمَا هُوَ لإثم الْإِقْدَام لَا لسُقُوط حُقُوق الْآدَمِيّين بِمَعْنى أَنه إِذا غصب مَالا أَو قتل نفسا ظلما وعدوانا غفر الله لَهُ إِثْم الْإِقْدَام على مَا ذكر وَوَجَب عَلَيْهِ الْقود ورد الْمَغْصُوب وَإِلَّا فَأمره إِلَى الله فِي الْآخِرَة وَمثله سَائِر حُقُوق الْآدَمِيّين وَهُوَ مُخَالف لإِطْلَاق غَيره وَهُوَ الْمَشْهُور وتكفير الْحَج للذنوب إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لأمور الْآخِرَة حَتَّى لَو أَرَادَ شَهَادَة بعده فَلَا بُد من التَّوْبَة والاستبراء وَله فَضَائِل لَا تحصى مِنْهَا مَا روى ابْن حبَان عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْحَاج حِين يخرج لم يخط خطْوَة إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا حَسَنَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة فَإِذا وقفُوا بِعَرَفَات باهى الله بهم مَلَائكَته يَقُول انْظُرُوا إِلَى عبَادي أَتَوْنِي شعثا غبرا أشهدكم أَنِّي غفرت لَهُم ذنوبهم وَإِن كَانَت عدد قطر السَّمَاء وَرمل عالج وَإِذا رمى الْجمار لم يدر أحد مَا لَهُ حَتَّى يوفاه يَوْم الْقِيَامَة وَإِذا حلق شعره فَلهُ بِكُل شَعْرَة سَقَطت من رَأسه نور يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا قضى آخر طَوَافه بِالْبَيْتِ خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه

(يجبان) أَي الْحَج وَالْعمْرَة (على مُكَلّف حر مستطيع مرّة بتراخ) من حَيْثُ الْأَدَاء فَلِمَنْ وجبا عَلَيْهِ بِنَفسِهِ أَو نَائِبه تأخيرهما بعد سنة الْإِمْكَان لِأَن الْحَج فرض سنة سِتّ من الْهِجْرَة وَلم يحجّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا سنة عشر

وَمَكَّة قد فتحت سنة ثَمَان فَعدم حجه سنة ثَمَان وتسع دلَالَة على عدم وُجُوبه على الْفَوْر وَمحل جَوَاز التَّأْخِير إِن عزم على فعلهمَا فِي الْمُسْتَقْبل كَمَا فِي الصَّلَاة أَي فالنسك فرض عين على المستطيع وَمن الشَّرَائِع الْقَدِيمَة بل مَا من نَبِي إِلَّا وَحج ووجوبه على التَّرَاخِي لَكِن لَو مَاتَ قبل أَدَائِهِ تبين عصيانه من السّنة الْأَخِيرَة من سني الْإِمْكَان حَتَّى لَو شهد فِيهَا شَهَادَة وَلم يحكم بهَا حَتَّى مَاتَ فَلَا يحكم بهَا وَالْمُتَّجه أَن المُرَاد بِالسنةِ الْأَخِيرَة زمن إِمْكَان الْحَج على عَادَة أهل بَلَده وَمثل مَوته فِيمَا ذكر عضبه فيتبين من آخر سني الْإِمْكَان وَفِيمَا بعده إِلَى أَن يحجّ عَنهُ وَيجب عَلَيْهِ الِاسْتِنَابَة فَوْرًا وَيسْتَثْنى من كَونه على التَّرَاخِي مَا لَو خشِي العضب أَو الْمَوْت أَو هَلَاك مَاله وَكَذَا لَو أفسد حجَّة الْإِسْلَام فَيجب عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَوْرًا أَو تضيق بِالنذرِ وَمَعَ كَون الْحَج على التَّرَاخِي فَلَا بُد من الْعَزْم على فعله وَيسن تَعْجِيله

<<  <   >  >>