الْمثل لِأَنَّهُ الأَصْل وَهَذَا إِذا لم يكن لنقله مُؤنَة وَإِلَّا فَالْوَاجِب الْقيمَة بِمحل التّلف
ثمَّ الْمثْلِيّ مَا جَازَ السّلم فِيهِ وَأمكن ضَبطه بِالْكَيْلِ أَو الْوَزْن وَإِن لم يعْتد فِيهِ بِأَن لم تجر عَادَة أهل الشَّرْع بِمثلِهِ فَمَا حصره عد أَو ذرع كحيوان وَثيَاب مُتَقَوّم وَإِن جَازَ السّلم فِيهِ والمعجونات والجواهر وَنَحْوهمَا مِمَّا يمْتَنع السّلم فِيهِ مُتَقَوّم وَإِن حصره وزن أَو كيل وَالْمُعْتَمد عِنْد الرَّمْلِيّ أَن خل التَّمْر مثلي كبر اخْتَلَط بشعير فَيجب إِخْرَاج الْقدر الْمُحَقق من كل مِنْهُمَا
بَاب فِي مُطلق الْهِبَة
(الْهِبَة) الْمُطلقَة ثَلَاثَة أَنْوَاع هبة وَصدقَة وهدية فَإِن أعْطى مُحْتَاجا شَيْئا بِلَا عوض وَلَو لم يقْصد ثَوَاب الْآخِرَة أَو غَنِيا لأجل ثَوَاب آخِرَة فصدقة وَهِي أفضل الثَّلَاثَة ثمَّ الْهَدِيَّة لوُرُود الْآثَار فِي الحض عَلَيْهَا لَا سِيمَا بِالنِّسْبَةِ للْمُسَافِر وَهِي مَا نَقله المملك بِلَا عوض إِلَى مَكَان الْمَوْهُوب لَهُ للإكرام والتودد فَكل من الصَّدَقَة والهدية هبة وَلَا عكس لانفراد الْهِبَة فِي ذَات الْأَركان وَهِي (تمْلِيك) تطوع فِي حَيَاة فَخرج بالتمليك الْعَارِية والضيافة وَالْوَقْف وبالتطوع غَيره كَالْبيع وَالزَّكَاة وَالنّذر وَالْكَفَّارَة وَالْوَاجِب من الْأُضْحِية وَالْهَدْي والعقيقة بِخِلَاف الْمَنْدُوب مِنْهَا وَقد أعْطى لَغَنِيّ فَهُوَ من الْهَدِيَّة لوُجُود التَّمْلِيك فِيهِ وَإِن امْتنع التَّصَرُّف فِيهِ بِنَحْوِ بيع وَخرج بقولنَا فِي حَيَاة الْوَصِيَّة لِأَن التَّمْلِيك فِيهَا إِنَّمَا يتم بِالْقبُولِ وَهُوَ بعد الْمَوْت وَإِذا اجْتمع النَّقْل وَالْقَصْد أَو النَّقْل والاحتياج كَانَ الْمَوْهُوب صَدَقَة وهدية (بِلَا عوض) فَخرج بذلك الْهِبَة بِشَرْط عوض مَعْلُوم كَقَوْلِه وَهبتك هَذَا على أَن تثيبني عَلَيْهِ كَذَا فيقبله فَإِنَّهَا بيع حَقِيقَة فَيجْرِي فِيهَا أَحْكَام البيع من الخيارين وَالشُّفْعَة وَحُصُول الْملك بِالْعقدِ لَا بِالْقَبْضِ وَمنع قبُول بعض الْمَوْهُوب بِبَعْض الْعِوَض أَو كُله لاشْتِرَاط الْمُطَابقَة فِي البيع بِخِلَاف الْهِبَة الَّتِي بِلَا عوض فَإِنَّهُ لَا يضر فِيهَا قبُول بعض الْمَوْهُوب وَخرج بذلك الْهِبَة أَيْضا بِشَرْط عوض مَجْهُول فَلَا تكون بيعا لجَهَالَة الْعِوَض وَلَا تكون هبة لذكر الْعِوَض وَقيل تكون هبة
وأركان الْهِبَة أَرْبَعَة العاقدان وَيشْتَرط فيهمَا مَا مر فِي البَائِع وَالْمُشْتَرِي
نعم يعْتَبر فِي المملك أَهْلِيَّة التَّبَرُّع وَفِي المتملك أَهْلِيَّة الْملك وَلَو سَفِيها
وَالثَّالِث الْمَوْهُوب وَشرط فِيهِ صِحَة جعله عوضا إِلَّا نَحْو حَبَّة بر فَتَصِح هبتها وَإِن لم يَصح بيعهَا فَنقل الْيَد عَن الِاخْتِصَاص لَا يُسمى هبة وَإِلَّا هبة مَوْصُوف فِي الذِّمَّة كَأَن يَقُول وَهبتك كَذَا فِي ذِمَّتِي فَلَا يَصح لِأَن الْهِبَة إِنَّمَا ترد على الْأَعْيَان لَا على مَا فِي الذِّمَّة بِخِلَاف البيع فَإِنَّهُ يرد عَلَيْهِمَا
وَالرَّابِع الصِّيغَة وَلَا تصح الْهِبَة غير الضمنية إِلَّا (بِإِيجَاب كوهبتك) هَذَا وملكتكه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute