الْمُسلمين وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو اقْترض الذِّمِّيّ من مُسلم وَنذر لَهُ شَيْئا مَا دَامَ الدّين عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصح نَذره لِأَن شَرط النَّاذِر الْإِسْلَام
ثمَّ النّذر قِسْمَانِ أَحدهمَا نذر تبرر سمي بِهِ لِأَنَّهُ لطلب الْبر أَو التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى وَهُوَ نَوْعَانِ لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يلْتَزم ابْتِدَاء قربَة (بِلَفْظ منجز) أَي من غير تَعْلِيق على شَيْء (كلله عَليّ كَذَا) أَي صَوْم أَو صَدَقَة لفُلَان أَو أَن أعْطِيه كَذَا وَلم يرد الْهِبَة (أَو عَليّ كَذَا) بِدُونِ ذكر لله (أَو نذرت كَذَا) وَلَا بُد للصِّحَّة من ذكر لله أَو لَك بِالْخِطَابِ كَمَا مر (أَو) أَن يلْتَزم قربَة بِلَفْظ (مُعَلّق) فِي مُقَابلَة حُدُوث نعْمَة أَو اندفاع بلية وَيُسمى هَذَا الْمُعَلق نذر المجازاة أَيْضا (كَإِن شفاني الله أَو سلمني) أَو رَزَقَنِي ولدا (فعلي كَذَا) أَي إِعْتَاق أَو صَوْم أَو صَلَاة (فَيلْزم مَا الْتَزمهُ حَالا) أَي وجوبا موسعا (فِي منجز) على الرَّاجِح كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَاحْتج لَهُ بِإِطْلَاق قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه
وَقَالَ ثَعْلَب لَا يَصح الْمُنجز وَلَا يلْزمه شَيْء لعدم الْمُقَابل وَلِأَن النّذر عِنْد الْعَرَب وعد بِشَرْط
(و) يلْزمه الْوَفَاء بِمَا الْتزم (عِنْد وجود صفة فِي مُعَلّق) وَحجَّة ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وأوفوا بِعَهْد الله إِذا عاهدتم} ١٦ النَّحْل الْآيَة ٩١ وَلَو قَالَ عِنْد نَحْو شِفَاء لله عَليّ عتق لزمَه ذَلِك جزما تَنْزِيلا لهَذَا منزلَة المجازاة لوُقُوعه شكرا فِي مُقَابلَة نعْمَة الشِّفَاء
وَثَانِيهمَا نذر لجاج بِفَتْح اللَّام وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَة وَيُسمى نذر اللجاج وَالْغَضَب والغلق وَيَمِين اللجاج وَالْغَضَب والغلق وَهُوَ أَن يمْنَع نَفسه من شَيْء أَو يحملهَا عَلَيْهِ بتعليق الْتِزَام قربَة كَأَن يَقُول إِن كلمت فلَانا أَو دخلت دَاره أَو إِن لم أسافر أَو إِن سَافَرت وَنَحْو ذَلِك فَللَّه عَليّ صَوْم شهر أَو صَلَاة أَو إِعْتَاق رَقَبَة أَو أَن أَتصدق من مَالِي أَو أحج وَنَحْو ذَلِك فالناذر فِي اللجاج مُخَيّر عِنْد وجود الصّفة بَين أَن يلْتَزم مَا الْتَزمهُ وَبَين كَفَّارَة يَمِين فَيُخَير فِيهَا بَين عتق رَقَبَة أَو كسْوَة عشرَة مَسَاكِين أَو إطعامهم فَإِن عجز عَن هَذِه الثَّلَاثَة صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا فرق فِي وجوب التَّخْيِير بَين أَن يكون مَا الْتَزمهُ معينا كَإِن كلمتك فَللَّه عَليّ عتق عَبدِي هَذَا مثلا وَبَين أَن يكون غَيره وَذَلِكَ لِأَن نذر اللجاج يشبه النّذر من حَيْثُ إِنَّه الْتزم قربَة وَالْيَمِين من حَيْثُ إِن مَقْصُوده مَقْصُود الْيَمين فَلَا سَبِيل إِلَى الْجمع بَين موجبيهما وَلَا إِلَى تعطيلهما فَوَجَبَ التَّخْيِير
أما إِذا الْتزم غير قربَة كَأَن قَالَ إِن كلمت زيدا فَللَّه عَليّ أَن لَا آكل الْخبز فَيلْزمهُ كَفَّارَة يَمِين بِلَا خلاف وَلَو قَالَ إِن كَلمته فعلي كَفَّارَة يَمِين أَو كَفَّارَة نذر لَزِمته الْكَفَّارَة عِنْد وجود الْمُعَلق عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لحكم الْيَمين فِي الصُّورَة الأولى وَلخَبَر مُسلم كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة الْيَمين فِي الثَّانِيَة وَمن نذر اللجاج مَا يعْتَاد على أَلْسِنَة النَّاس الْعتْق يلْزَمنِي أَو يلْزَمنِي عتق عَبدِي فلَان لَا أفعل أَو لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِن لم ينْو تَعْلِيق الِالْتِزَام فلغو وَإِن نَوَاه تخير ثمَّ إِن اخْتَار الْعتْق أَو عتق الْمعِين أَجزَأَهُ مُطلقًا أَي سَوَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute