وَلَو تقاربت قَرْيَتَانِ فِي كل مِنْهُمَا دون أَرْبَعِينَ بِصفة الْكَمَال وَلَو اجْتَمعُوا لبلغوا أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِد بهم وَإِن سَمِعت كل وَاحِدَة نِدَاء الْأُخْرَى لِأَن الْأَرْبَعين غير متوطنين فِي مَوضِع الْجُمُعَة وَلَو كَانَ لَهُ زوجتان كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي بَلْدَة يُقيم عِنْد كل يَوْمًا مثلا انْعَقَدت بِهِ الْجُمُعَة فِي الْبَلدة الَّتِي إِقَامَته فِيهَا أَكثر دون الْأُخْرَى فَإِن اسْتَويَا فِي الْإِقَامَة انْعَقَدت بهم فِي الْبَلدة الَّتِي مَاله فِيهَا أَكثر دون الْأُخْرَى فَإِن اسْتَويَا فِي المَال اعْتبرت نِيَّته فِي الْمُسْتَقْبل فَإِن لم تكن نِيَّة اعْتبر الْموضع الَّذِي هُوَ فِيهِ
(و) الثَّالِث أَن تُقَام (بِمحل مَعْدُود من الْبَلَد) أَي فِي خطة أبنية أوطان الْمُصَلِّين للْجُمُعَة سَوَاء الرحاب المسقفة والساحات والمساجد فَتجوز فِي الفضاء الْمَعْدُود من خطة الْبَلَد بِأَن كَانَ فِي مَحل لَا تقصر فِيهِ الصَّلَاة بِخِلَاف غير الْمَعْدُود مِنْهَا وَلَا فرق فِي الْمَعْدُود مِنْهَا بَين الْمُتَّصِل بالأبنية والمنفصل عَنْهَا وَلَو انْهَدَمت الْأَبْنِيَة وَأقَام أَهلهَا قَاصِدين عمارتها صحت مِنْهُم الْجُمُعَة وَإِن لم يَكُونُوا فِي مظال لِأَنَّهَا وطنهم وَلَا تَنْعَقِد فِي غير بِنَاء إِلَّا فِي هَذِه الصُّورَة فَلَا تجوز إِقَامَتهَا خَارج الْأَبْنِيَة حَيْثُ أُقِيمَت فِي مَحل تقصر فِيهِ الصَّلَاة وَلَا جُمُعَة على أهل الْخيام
نعم إِن كَانَت خيامهم فِي خلال الْأَبْنِيَة وهم مقيمون لزمتهم الْجُمُعَة وَلَو كَانُوا متوطنين بِمحل من الْبَادِيَة قريب من بلد الْجُمُعَة بِحَيْثُ يسمعُونَ النداء من بلد الْجُمُعَة لزمتهم وَوَجَب السَّعْي إِلَيْهَا وَالْمرَاد سَماع من يكون بِطرف محلتهم الَّذِي يَلِي بلد الْجُمُعَة أَي من أصغى مِنْهُم وَلَو وَاحِدًا وَهُوَ معتدل السّمع مِمَّن بِطرف بلد الْجُمُعَة الَّذِي يَلِي محلتهم ويفرض عدم الْمَانِع وَالْمُعْتَبر أَن يكون الْمُؤَذّن على الأَرْض لَا على مَوضِع عَال إِلَّا أَن تكون الْبَلدة فِي أَرض بَين أَشجَار فَيعْتَبر فِيهَا الْعُلُوّ على مَا يُسَاوِي الْأَشْجَار وَلَو كَانَ بقرية مَسْجِد ثمَّ خرب مَا حوله فَصَارَ مُنْفَردا وَلم يهجر بل اسْتمرّ النَّاس يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ فِي الصَّلَوَات وَغَيرهَا صحت الْجُمُعَة فِيهِ وَلَو بعد الْعمرَان عَنهُ إِذْ بَقَاء التَّرَدُّد اليه يصيره معدودا من الْبَلَد أفتى بِهِ البُلْقِينِيّ وَغَيره
قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَأكْثر أهل الْقرى يؤخرون الْمَسْجِد عَن جِدَار الْقرْيَة قَلِيلا صِيَانة لَهُ عَن نَجَاسَة الْبَهَائِم وَعدم انْعِقَاد الْجُمُعَة فِيهِ بعد وَالضَّابِط أَن الْمَسْجِد الْخَارِج عَن الْأَبْنِيَة إِن كَانَ بِحَيْثُ تقصر الصَّلَاة قبل مجاوزته لَا تجوز إِقَامَة الْجُمُعَة فِيهِ وَإِلَّا جَازَت
(و) الرَّابِع وُقُوع الصَّلَاة كلهَا فِي الْوَقْت يَقِينا لِأَن الْوَقْت شَرط لافتتاحها فَكَانَ شرطا لتمامها وَلِأَنَّهُمَا فرضا وَقت وَاحِد فَلم يخْتَلف وقتهما
أما بَقِيَّة الصَّلَوَات فَلَيْسَ الْوَقْت شرطا لافتتاحها بِدَلِيل الْقَضَاء خَارجه فَلَا بُد من وُقُوع الصَّلَاة كلهَا مَعَ الْخطْبَة (فِي وَقت ظهر) فَلَو خرج الْوَقْت قبل التَّلَبُّس بهَا أَو كَانُوا فِيهَا أَو ضَاقَ عَنْهَا وَعَن خطبتها أَو شكّ فِي ذَلِك صليت ظهرا فِي الْجَمِيع وَلَو مد الرَّكْعَة الأولى بِأَن أحرم بِالْجمعَةِ فِي وَقت يَسعهَا لكنه طول حَتَّى تحقق أَنه لم يبْق مَا يسع الثَّانِيَة انقلبت ظهرا الْآن عِنْد ابْن حجر كالروياني أَو انقلبت ظهرا عِنْد خُرُوج الْوَقْت على مَا اعْتَمدهُ الرَّمْلِيّ فيسر بِالْقِرَاءَةِ من وَقت الانقلاب وَلَو سلم الإِمَام التسليمة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute