ابْن حجر نقلا عَن ابْن الْهمام أَن أفضل الصِّيَغ من الكيفيات الْوَارِدَة فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنَا عَبدك وَنَبِيك وَرَسُولك مُحَمَّد وَآله وَسلم عَلَيْهِ تَسْلِيمًا كثيرا وزده تَشْرِيفًا وتكريما وأنزله الْمنزل المقرب عنْدك يَوْم الْقِيَامَة (يَوْمهَا وليلتها) لخَبر إِن من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فَأَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِيهِ فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة عَليّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَلخَبَر أَكْثرُوا من الصَّلَاة عَليّ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة فَمن صلى عَليّ صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا (وَدُعَاء) أَي إكثار دُعَاء فِي يَوْمهَا وليلتها أما فِي يَوْمهَا فلرجاء أَن يُصَادف سَاعَة الْإِجَابَة
وَالصَّحِيح فِيهَا مَا ورد أَنَّهَا مَا بَين أَن يجلس الإِمَام للخطبة إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة وَلَيْسَ المُرَاد أَنَّهَا مستغرقة لهَذَا الزَّمن بل المُرَاد أَنَّهَا لَحْظَة لَطِيفَة لَا تخرج عَن هَذَا الْوَقْت وَأما لَيْلَتهَا فلقول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بَلغنِي أَن الدُّعَاء يُسْتَجَاب فِي لَيْلَة الْجُمُعَة وللقياس على يَوْمهَا وَيسن كَثْرَة الصَّدَقَة وَفعل الْخَيْر فِي يَوْمهَا وليلتها
(وَحرم تخط) للرقاب أَي الْقَرِيب مِنْهَا وَهُوَ المناكب (لَا لمن وجد فُرْجَة قدامه) وَهَذَا كَمَا نقل عَن نَص الشَّافِعِي وَالْمُعْتَمد عِنْد الرَّمْلِيّ وَابْن حجر أَن التخطي مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه
وَقَالَ الشبراملسي نقلا عَن ابْن قَاسم فَإِن قلت مَا وَجه تَرْجِيح الْكَرَاهَة على الْحُرْمَة مَعَ أَن الْإِيذَاء حرَام وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْلِسْ فقد آذيت وَهُوَ يخْطب وَقد رأى رجلا يتخطى رِقَاب النَّاس
قلت لَيْسَ كل إِيذَاء حَرَامًا وللمتخطي هُنَا غَرَض فَإِن التَّقَدُّم أفضل اه
وَمن التخطي الْمَكْرُوه مَا جرت بِهِ الْعَادة من التخطي لتفرقة الْأَجْزَاء أَو تبخير الْمَسْجِد أَو سقِِي المَاء أَو السُّؤَال لمن يقْرَأ فِي الْمَسْجِد أَو نَحْو ذَلِك
أما مُجَرّد السُّؤَال من غير تخط فَلَا كَرَاهَة فِيهِ بل هُوَ سعي فِي خير وإعانة عَلَيْهِ مَا لم يرغب الْحَاضِرُونَ الَّذين يَتَخَطَّاهُمْ فِي ذَلِك وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَة
وَيُؤْخَذ من التَّعْبِير بالتخطي أَنه يرفع رجله بِحَيْثُ تحاذي أَعلَى منْكب الْجَالِس
أما مَا يَقع من الْمُرُور بَين يَدي النَّاس ليصل إِلَى نَحْو الصَّفّ الأول فَلَيْسَ من التخطي أصلا بل من خرق الصُّفُوف إِذا لم يكن بَين النَّاس فرج يمشى فِيهَا وَإِلَّا فَلَا خرق أَيْضا وَيسْتَثْنى من كَرَاهَة التخطي صور مِنْهَا الإِمَام إِذا لم يبلغ الْمِنْبَر أَو الْمِحْرَاب إِلَّا بالتخطي فَلَا يكره لَهُ لاضطراره
وَمِنْهَا مَا إِذا وجد فِي الصُّفُوف الَّتِي بَين يَدَيْهِ فُرْجَة لَا يبلغهَا إِلَّا بتخطي رجل أَو رجلَيْنِ فَلَا يكره لَهُ وَإِن وجد غَيرهَا لتقصير الْقَوْم بإخلاء فُرْجَة لَكِن يسن إِذا وجد غَيرهَا أَن لَا يتخطى فَإِن زَاد فِي التخطي عَلَيْهِمَا وَرَجا أَن يتقدموا إِلَى الفرجة إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة اسْتحبَّ ترك التخطي
وَمِنْهَا إِذا سبق من لَا تَنْعَقِد بهم إِلَى الْجَامِع فَإِنَّهُ يجب على الكاملين إِذا حَضَرُوا التخطي لسَمَاع الْخطْبَة إِذا كَانُوا لَا يسمعونها مَعَ الْبعد
وَمِنْهَا الرجل الْمُعظم فِي نفوس النَّاس لصلاح أَو ولَايَة لِأَن النَّاس يتبركون بِهِ ويسرون بتخطيه سَوَاء ألف موضعا أَو لَا فَإِن لم يكن مُعظما لم يتخط وَإِن كَانَ لَهُ مَحل مألوف وَمن جلس فِي ممر النَّاس لَا يكره تخطيه
وَالْحَاصِل أَن التخطي يُوجد فِيهِ سِتَّة أَحْكَام فَيجب إِن توقفت الصِّحَّة عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيحرم مَعَ