نُفُوسهم إِلَى رَبهم وشغلوا بِهِ عَن الدُّنْيَا وتمنوا لقاءه فَإِذا حضرهم الْمَوْت جادوا بِأَنْفسِهِم طَوْعًا وبذلوها لَهُ إيثارا لمحبته على محبتها فهم وَمن قتل فِي معركة الْمُشْركين سَوَاء فينالون منَازِل الشُّهَدَاء لِأَن الشُّهَدَاء بذلوا أنفسهم سَاعَة من نَهَار وَهَؤُلَاء بذلوها طول الْعُمر
وَأما شَهِيد الدُّنْيَا فَقَط فَهُوَ من قتل فِي قتال الْكفَّار بِسَبَبِهِ وَقد غل فِي الْغَنِيمَة أَو قتل مُدبرا على وَجه غير مرضِي شرعا أَو قَاتل رِيَاء أَو نَحوه
وَأما شَهِيد الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَعًا فَهُوَ من قتل كَذَلِك لَكِن قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا وَمُرَاد الْفُقَهَاء أحد هذَيْن الْأَخيرينِ وحكمهما أَنه يجب الدّفن
و (تحرم صَلَاة على شَهِيد) أَي شَهِيد المعركة (كغسله) لخَبر البُخَارِيّ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر فِي قَتْلَى أحد بدفنهم بدمائهم وَلم يغسلهم وَلم يصل عَلَيْهِم وَلَو كَانَ جنبا وحائضا ونفساء لِأَن حَنْظَلَة بن الراهب قتل يَوْم أحد وَهُوَ جنب وَلم يغسلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ رَأَيْت الْمَلَائِكَة تغسله
وتزال وجوبا نَجَاسَة غير دم مُطلقًا كبول خرج بِسَبَب الْقَتْل وَدم حصل بِغَيْر سَبَب الشَّهَادَة وَإِن زَالَ بِسَبَبِهِ دَمهَا