كَانَ بعكس ذَلِك وَجَبت على الزَّوْج لكَونه يَرَاهَا على نَفسه وَلَو اسْتَأْجر شخصا لخدمته أَو لرعي دوابه أَو لخدمة زرعه بِشَيْء معِين من الدَّرَاهِم لَا تجب على الْمُسْتَأْجر فطرته لكَونه مؤجرا بِدَرَاهِم إِجَارَة صَحِيحَة أَو فَاسِدَة بِخِلَاف مَا لَو استخدمه بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة فَإِنَّهُ تجب عَلَيْهِ فطرته ويجزىء أَدَاء المتحمل عَنهُ للفطرة بِغَيْر إِذن المتحمل لِأَنَّهُ الأَصْل وَقد نوى كَمَا قَالَه ابْن حجر
وَالْحَاصِل أَن اعْتِبَار الْفطْرَة شرعا مُتَوَقف على أَرْبَعَة أُمُور النِّيَّة
وَالْقدر الْمخْرج
والمؤدي
والمؤدى عَنهُ
أما النِّيَّة فَتكون من الْمُؤَدِّي عَن نَفسه أَو عَمَّن تلْزمهُ فطرته من زَوْجَة وخادمها ورقيق وأصول وفروع إِذا وَجَبت نَفَقَتهم وَنَحْو ذَلِك أَو عَن موليه الْغَنِيّ من صَغِير وَمَجْنُون وسفيه وَلَو من مَال نَفسه لِأَنَّهُ يسْتَقلّ بتمليكه بِخِلَاف أُصُوله وفروعه الَّذين لَا تجب نَفَقَتهم وَبِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ فَإِنَّهُ لَا بُد من الْإِذْن لَهُ فِي الْأَدَاء عَنْهُم فَلَو أدّى عَنْهُم بِغَيْر إذْنهمْ لَا يَقع الْموقع وَمن كَانَت فطرته وَاجِبَة على غَيره كَالزَّوْجَةِ فَأخْرج عَن نَفسه من مَاله بِغَيْر إِذن من وَجَبت عَلَيْهِ صَحَّ وَلَا رُجُوع لَهُ بهَا على من وَجَبت عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تجب ابْتِدَاء على الْمُؤَدى عَنهُ ثمَّ يتحملها عَنهُ الْمُؤَدِّي وَتَكون النِّيَّة عِنْد الْعَزْل عَن المَال أَو عِنْد الدّفع إِلَى الْمُسْتَحق أَو بَينهمَا
(و) الْقدر الْمخْرج من زَكَاة الْفطْرَة عَن وَاحِد (هِيَ صَاع) بِصَاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من غَالب قوت بَلَده) أَي غَالب قوت مَحل وَقت الْوُجُوب من جنس وَاحِد عَن شخص وَاحِد فَلَا يجوز تبعيضه من جِنْسَيْنِ وَإِن كَانَ أحد الجنسين أَعلَى من الآخر كَمَا لَا يجزى فِي كَفَّارَة الْيَمين أَن يكسو خَمْسَة وَيطْعم خَمْسَة
أما لَو أخرج الصَّاع عَن اثْنَيْنِ كَأَن ملك شخص نصفي عَبْدَيْنِ أَو مبعضين ببلدين مختلفي الْقُوت فَإِنَّهُ يجوز تبعيضه وَلَو كَانَ قوتهم الْبر الَّذِي فِيهِ قَلِيل من الشّعير تسومح بِهِ فَإِن كَانَ قوتهم الْبر الْمُخْتَلط بشعير كثير تخير إِن تساوى الخليطان فَيخرج صَاعا من الْبر أَو الشّعير فَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر وَجب مِنْهُ
ويجزى الْأَعْلَى عَن الْأَدْنَى لَا عَكسه فَإِن لم يجد إِلَّا نصفا من ذَا وَنصفا من ذَا
فَالْأَوْجه أَنه يخرج النّصْف الْوَاجِب عَلَيْهِ وَلَا يُجزئهُ الآخر لما مر من أَن الصَّاع لَا يبعض من جِنْسَيْنِ والعلو بِزِيَادَة الاقتيات لَا بِزِيَادَة الْقيمَة فأعلى الأقوات الْبر فالسلت فالشعير فالذرة فالأرز فالحمص فالماش فالعدس فالفول فالتمر فالزبيب فالأقط فاللبن فالجبن
ورمز بَعضهم لترتيبها فَقَالَ بِاللَّه سل شيخ ذِي رمز حكى مثلا عَن فَور ترك زَكَاة الْفطر لَو جهلا حُرُوف أَولهَا جَاءَت مرتبَة أَسمَاء قوت زَكَاة الْفطر إِن عقلا فَهَذِهِ أَرْبَعَة عشر لَو غلب اقتيات وَاحِد مِنْهَا فِي بعض النواحي وَجب إِخْرَاج صَاع مِنْهُ فِي زَكَاة الْفطر ويجزى أَعلَى مِنْهُ لَا أدنى وَذَلِكَ بِخِلَاف زَكَاة المَال فَإِنَّهُ لَا يجزى فِيهَا إِخْرَاج جنس عَن آخر كذهب عَن فضَّة وَعَكسه لِأَن الزَّكَاة الْمَالِيَّة مُتَعَلقَة بِالْمَالِ فَأمر أَن يواسي الْفُقَرَاء بِمَا واساه الله بِهِ والفطرة زَكَاة الْبدن فَنظر فِيهَا لما هُوَ غذَاء الْبدن والأعلى يحصل بِهِ هَذَا الْغَرَض وَزِيَادَة وَلَو كَانَ فِي الْبَلَد أقوات لَا غَالب فِيهَا تخير بَينهَا وَلَو اخْتلف الْغَالِب باخْتلَاف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute