موافقتهم سَوَاء فِي أول الشَّهْر أَو آخِره وَهَذَا أَمر مرجعه إِلَى طول الْبِلَاد وعرضها سَوَاء قربت الْمسَافَة أَو بَعدت وَلَا نظر إِلَى مَسَافَة الْقصر وَعدمهَا وَعلم أَنه مَتى حصلت الرُّؤْيَة فِي الْبَلَد الشَّرْقِي لزم رُؤْيَته فِي الْبَلَد الغربي دون عَكسه كَمَا فِي مَكَّة المشرفة ومصر المحروسة فَيلْزم من رُؤْيَته فِي مَكَّة رُؤْيَته فِي مصر لَا عَكسه لِأَن الْهلَال يرى غاربا وتكفي الْعَدَالَة الظَّاهِرَة وَلَو رَجَعَ عَن شَهَادَته بعد شروعهم فِي الصَّوْم أَو بعد حكم الْحَاكِم وَلَو قبل شروعهم فِي الصَّوْم لَزِمَهُم الصَّوْم وكل شهر اشْتَمَل على عبَادَة يثبت بِشَهَادَة الْعدْل الْوَاحِد بِالنّظرِ لِلْعِبَادَةِ وَذَلِكَ كرجب وَشَعْبَان ورمضان وشوال وَذي الْحجَّة وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَة أشهد أَنِّي رَأَيْت الْهلَال
الرَّابِع ظن دُخُوله بِالِاجْتِهَادِ فِيمَن اشْتبهَ عَلَيْهِ رَمَضَان كَأَن كَانَ أَسِيرًا أَو مَحْبُوسًا
وللصوم شُرُوط لوُجُوبه وشروط لصِحَّته وأركان وَسنَن ومكروهات ومبطلات
أما شُرُوط وُجُوبه فَثَلَاثَة الْإِسْلَام والتكليف وَالْقُدْرَة على الصَّوْم كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك المُصَنّف بقوله (يجب صَوْم رَمَضَان على مُكَلّف مطيق لَهُ) وشروط صِحَّته أَرْبَعَة الْإِسْلَام والنقاء من الْحيض وَالنّفاس وَالْعقل وَالْوَقْت الْقَابِل للصَّوْم
(وفرضه) أَي أَرْكَان الصَّوْم اثْنَان الأول (نِيَّة) لَيْلًا (لكل يَوْم) ومحلها الْقلب وَيسْتَحب التَّلَفُّظ بهَا وَلَو نسي النِّيَّة لَيْلًا وطلع الْفجْر وَهُوَ نَاس لم يحْسب لَهُ ذَلِك الْيَوْم لَكِن يجب عَلَيْهِ الْإِمْسَاك رِعَايَة لحُرْمَة الْوَقْت
وَيسن فِي أول الشَّهْر أَن يَنْوِي صَوْم جَمِيعه وَذَلِكَ يُغني عَن تجديدها فِي كل لَيْلَة عِنْد الإِمَام مَالك فَيسنّ ذَلِك عندنَا لِأَنَّهُ رُبمَا نسي التبييت فِي بعض اللَّيَالِي فيقلد الإِمَام مَالِكًا وَيشْتَرط أَن يحضر فِي الذِّهْن صِفَات الصَّوْم مَعَ ذَاته ثمَّ يضم الْقَصْد إِلَى ذَلِك الْمَعْلُوم فَلَو خطر بِبَالِهِ الْكَلِمَات مَعَ جَهله مَعْنَاهَا لم يَصح
وَمن صِفَات الصَّوْم كَون الشَّهْر رَمَضَان وَإِن لم يحضر فِي الذِّهْن ذَلِك لم يحصل لَهُ الْيَوْم الأول وَلَا غَيره
(وَشرط لفرضه) أَي الصَّوْم من رَمَضَان وَلَو من صبي أَو غَيره كقضاء أَو كَفَّارَة أَو استسقاء أَمر بِهِ الامام أَو نذر (تبييت) للنِّيَّة لكل لَيْلَة وَلَو من أول اللَّيْل وَلَا يجب التبييت فِي نفل الصَّوْم بل تصح نِيَّته قبل الزَّوَال بِشَرْط أَن لَا يسبقها منَاف للصَّوْم
(وَتَعْيِين) فِي الْفَرْض الْمَنوِي كرمضان أَو نذر أَو قَضَاء أَو كَفَّارَة وَفِي نفل لَهُ سَبَب بِخِلَاف النَّفْل الْمُؤَقت كَصَوْم الْإِثْنَيْنِ وعرفة وعاشوراء وَأَيَّام الْبيض وَسِتَّة من شَوَّال فَلَا يشْتَرط فِيهِ التَّعْيِين لِأَن الصَّوْم فِي تِلْكَ الْأَيَّام منصرف إِلَيْهَا بل لَو نوى بِهِ غَيرهَا حصلت أَيْضا كتحية الْمَسْجِد لِأَن الْمَقْصُود وجود صَوْم فِيهَا وَيسْتَثْنى من وجوب التَّعْيِين مَا لَو كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء رمضانين أَو صَوْم نذر أَو كَفَّارَة من جِهَات مُخْتَلفَة فَنوى صَوْم غَد عَن قَضَاء رَمَضَان أَو صَوْم نذر أَو كَفَّارَة جَازَ وَإِن لم يعين عَن قَضَاء أَيهمَا فِي قَضَاء رمضانين وَلَا نَوعه فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ كُله جنس وَاحِد وَلَو نوى صَوْم غَد وَهُوَ يَعْتَقِدهُ الْإِثْنَيْنِ فَكَانَ الثُّلَاثَاء أَو صَوْم رَمَضَان هَذِه السّنة وَهُوَ يعتقدها سنة ثَلَاث فَكَانَت سنة أَربع صَحَّ صَوْمه وَلَا عِبْرَة بِالظَّنِّ الْبَين خَطؤُهُ بِخِلَاف مَا لَو نوى صَوْم الثُّلَاثَاء لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ وَلم يخْطر بِبَالِهِ صَوْم غَد أَو صَوْم رَمَضَان سنة ثَلَاث وَكَانَت سنة أَربع وَلم يخْطر بِبَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute