لحَدِيث من اعْتكف فوَاق نَاقَة فَكَأَنَّمَا أعتق نسمَة وَيجب بِالنذرِ وَيحرم على الزَّوْجَة وَالرَّقِيق بِغَيْر إِذن وَيكرهُ لذات الْهَيْئَة مَعَ الْإِذْن فتعتريه الْأَحْكَام مَا عدا الْإِبَاحَة وَهُوَ فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان أفضل مِنْهُ فِي غَيره لطلب لَيْلَة الْقدر فيحييها
ومراتب إحيائها ثَلَاثَة عليا وَهِي إحْيَاء لَيْلَتهَا بِالصَّلَاةِ
ووسطى وَهِي إحْيَاء معظمها بِالذكر
وَدُنْيا وَهِي أَن يُصَلِّي الْعشَاء فِي جمَاعَة وَالصُّبْح فِي جمَاعَة وَالْعَمَل فِيهَا خير من الْعَمَل فِي ألف شهر وينال الْعَامِل فَضلهَا وَإِن لم يطلع عَلَيْهَا على الْمُعْتَمد لَكِن حَال من اطلع عَلَيْهَا أكمل وَيسن الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة فِي لَيْلَتهَا ويومها وَيسن لمن رَآهَا أَن يكتمها وَهِي من خصوصيات هَذِه الْأمة وباقية إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ومنحصرة فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان عِنْد الإِمَام الشَّافِعِي
وَتلْزم لَيْلَة مِنْهُ بِعَينهَا على الْمُعْتَمد فَقيل هِيَ لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين وَقيل لَيْلَة الثَّالِث وَالْعِشْرين وَقيل لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين وَمُقَابل الْمُعْتَمد أَنَّهَا تنْتَقل فِي ليَالِي الْعشْر وأرجاها ليَالِي الأوتار وأرجى الأوتار لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين وَنقل عَن ابْن عَبَّاس أَنَّهَا لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين
وَبِالْجُمْلَةِ فَهِيَ من الْأَسْرَار الَّتِي يطلع الله عَلَيْهَا من يَشَاء من عباده وَينْدب أَن يكثر فِي لَيْلَتهَا من قَول اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني
وَمن علاماتها أَنَّهَا متوسطة لَا حارة وَلَا بَارِدَة وتطلع الشَّمْس فِي صبيحتها بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا كثير شُعَاع وَهِي لَحْظَة لَطِيفَة على صُورَة الْبَرْق الخاطف لَكِن تصير اللَّيْلَة كلهَا ذَات فضل لأَجلهَا وَكَذَلِكَ تردد الْمَلَائِكَة فِي جَمِيع اللَّيْل صعُودًا وهبوطا بَين الله تَعَالَى وَبَين عباده لقَضَاء حوائجهم ويتجلى الله تَعَالَى فِيهَا جَمِيعهَا بِخِلَاف غَيرهَا فَإِنَّهُ فِي الثُّلُث الْأَخير فَقَط فَينْدب إحْيَاء ليَالِي الْعشْر كلهَا لأجل مصادفة لَيْلَة الْقدر وَهِي لَيْلَة ينْكَشف فِيهَا شَيْء من عجائب الملكوت وَالنَّاس فِي هَذَا الْكَشْف متفاوتون فَمنهمْ من يكْشف لَهُ عَن ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض فَيرى الْمَلَائِكَة بَين رَاكِع وَسَاجِد وَمِنْهُم من يرى طبقَة من نور
وَأفضل اللَّيَالِي لَيْلَة المولد الشريف فالقدر فالإسراء فعرفة فالجمعة فَنصف شعْبَان فالعيد فَهَذِهِ سبع لَيَال مرتبَة فِي الْأَفْضَلِيَّة وَأفضل الْأَيَّام يَوْم عَرَفَة فَنصف شعْبَان فالجمعة وَاللَّيْل أفضل من النَّهَار
وأركان الِاعْتِكَاف أَرْبَعَة نِيَّة ولبث وَلَا بُد أَن يزِيد على قدر طمأنينة الصَّلَاة وَمَسْجِد ومعتكف
وشروطه إِسْلَام وعقل وخلو من حدث أكبر فَلَا يَصح اعْتِكَاف من اتّصف بضد شَيْء من ذَلِك وَتجب نِيَّة الْفَرْضِيَّة فِي الْمَنْذُور مِنْهُ وَيَقَع كُله فرضا على الْمُعْتَمد وَإِن طَال مكثه وَإِن لم يُقَيِّدهُ بِمدَّة
ومراتب الِاعْتِكَاف ثَلَاثَة مُطلق ومقيد بِمدَّة من غير تتَابع ومقيد بِمدَّة وتتابع فَإِن كَانَ مُطلقًا كفته نِيَّته وَإِن طَال مكثه لَكِن لَو خرج من الْمَسْجِد بِلَا عزم عود وَعَاد جدد النِّيَّة إِن أَرَادَ الِاعْتِكَاف وَيكون هَذَا اعتكافا آخر لِأَن الأول قد انْقَطع فَإِن خرج عَازِمًا على الْعود للاعتكاف سَوَاء لِلْمَسْجِدِ الَّذِي خرج مِنْهُ أَو لغيره كَانَ هَذَا الْعَزْم قَائِما مقَام النِّيَّة فَلَا يحْتَاج لتجديد نِيَّة وَإِن كَانَ مُقَيّدا بِمدَّة من غير تتَابع