وَهَذَا فِي حق الْحَيّ أما من مَاتَ بعد الِاسْتِطَاعَة فَإِنَّهُ يحجّ من تركته وَإِن كَانَ مَوته بعد حجتهم وَقبل عودهم وَلَا بُد من وجود رفْقَة يخرج مَعَهم فِي الْوَقْت الَّذِي جرت عَادَة أهل الْبَلَد بِالْخرُوجِ فِيهِ وَأَن يَسِيرُوا السّير الْمُعْتَاد وَهَذَا إِن احْتِيجَ إِلَى الرّفْقَة لدفع الْخَوْف فَإِن أَمن الطَّرِيق بِحَيْثُ لَا يخَاف الْوَاحِد فِيهَا لزمَه النّسك وَلَا حَاجَة للرفقة وَلَا نظر للوحشة لِأَن النّسك لَا بدل لَهُ
ثَانِيهَا استطاعة بِغَيْرِهِ فَتجب الْإِنَابَة عَن غير مُرْتَد مَاتَ وَعَلِيهِ نسك وَلَو بِنَحْوِ نذر من تركته كَمَا تقضى مِنْهَا دُيُونه فَلَو لم تكن لَهُ تَرِكَة سنّ لوَارِثه أَن يَفْعَله عَنهُ وَلَو فعله عَنهُ أَجْنَبِي وَلَو بِلَا إِذن من الْوَارِث جَازَ كَمَا يَصح قَضَاء دُيُونه بِلَا إِذن فَإِن لم يكن عَلَيْهِ نسك بِأَن كَانَ أدّى حجَّة الْإِسْلَام لَا تجوز الْإِنَابَة عَنهُ إِلَّا لَو أوصى بذلك وَإِلَّا جَازَت مُطلقًا قَالَ شَيخنَا يُوسُف إِذا كَانَت الْأُجْرَة من الْمُنِيب لَا من التَّرِكَة جَازَت الْإِنَابَة بِلَا وَصِيَّة
أما الْمُرْتَد فَلَا تجوز الْإِنَابَة عَنهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل الْعِبَادَة بل لَو خلف مَالا قضى مِنْهُ دينه وَمَا فضل يكون فَيْئا وَتجب الْإِنَابَة عَن المعضوب الَّذِي عَلَيْهِ النّسك وَهُوَ بالضاد الْمُعْجَمَة الْعَاجِز عَن مُبَاشرَة النّسك بِنَفسِهِ إِذا كَانَ بَينه وَبَين مَكَّة مرحلتان فَأكْثر أما لَو كَانَ دون مرحلَتَيْنِ أَو كَانَ بِمَكَّة فَإِنَّهُ يلْزمه مُبَاشرَة النّسك بِنَفسِهِ لقلَّة الْمَشَقَّة نعم إِن أنهاه الضنى إِلَى حَالَة لَا يحْتَمل الْحَرَكَة بِحَال جَازَت النِّيَابَة عَنهُ إِمَّا بِأُجْرَة مثل فاضلة عَمَّا مر غير مُؤنَة عِيَاله سفرا لِأَنَّهُ مُقيم عِنْدهم وَإِمَّا بِوُجُود مُتَطَوّع بالنسك عَنهُ
وَيشْتَرط فِي النَّائِب مُطلقًا أَن يكون غير معضوب موثوقا بِهِ أدّى فَرْضه وَيجوز كَون النَّائِب فِي نسك التَّطَوُّع صَبيا مُمَيّزا أَو عبدا لِأَنَّهُمَا من أهل التَّطَوُّع بالنسك لأنفسهما وَيشْتَرط فِي صِحَة عقد الِاسْتِئْجَار لِلْحَجِّ معرفَة الْعَاقِدين أَعمال الْحَج فرضا ونفلا حَتَّى لَو ترك مِنْهُ أدبا سقط من الْأُجْرَة مَا يُقَابله والاستئجار فِيمَا مر ضَرْبَان أَحدهمَا إِجَارَة عين كاستأجرتك عني أَو عَن ميتي هَذِه السّنة فَإِن عين غير السّنة الأولى لم يَصح العقد وَإِن أطلق صَحَّ وَحمل على السّنة الْحَاضِرَة وَيشْتَرط لصِحَّة العقد قدرَة الْأَجِير على الشُّرُوع فِي الْعَمَل واتساع الْمدَّة لَهُ والمكي وَنَحْوه يسْتَأْجر فِي أشهر الْحَج
الثَّانِي إِجَارَة ذمَّة كَقَوْلِه ألزمت ذِمَّتك تَحْصِيل حجَّة وَيجوز الِاسْتِئْجَار فِي هَذَا الضَّرْب على الْمُسْتَقْبل فَإِن أطلق حمل على الْحَاضِرَة فَتبْطل إِن ضَاقَ الْوَقْت وَلَا يشْتَرط قدرته على السّفر لِإِمْكَان الِاسْتِنَابَة فِي إِجَارَة الذِّمَّة وَلَو قَالَ ألزمت ذِمَّتك لتحج عني بِنَفْسِك بطلت الْإِجَارَة على مَا اعْتَمدهُ الرَّمْلِيّ خلافًا لما نقل عَن الْبَغَوِيّ أَن ذَلِك يَصح وَتَكون تِلْكَ الْإِجَارَة إِجَارَة عين وَلَو اسْتَأْجر للقران فالدم على الْمُسْتَأْجر فَإِن شَرطه على الْأَجِير بطلت الْإِجَارَة وَلَو كَانَ الْمُسْتَأْجر للقران مُعسرا فالصوم الَّذِي هُوَ بدل الدَّم على الْأَجِير لِأَن الصَّوْم يَقع بعضه فِي الْحَج وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى من الْمُسْتَأْجر لِأَن الْفَرْض أَنه معضوب وَأَنه فِي غير مَكَّة وَلَو أفسد الْأَجِير الْحَج بِالْجِمَاعِ لزمَه قَضَاؤُهُ عَن نَفسه فَيَقَع الْقَضَاء لَهُ وَعَلِيهِ الْمُضِيّ فِي فاسده وَالْكَفَّارَة وتنفسخ بِهِ إِجَارَة الْعين وَيلْزمهُ رد مَا أَخذه من الْمُسْتَأْجر وَيبقى عَلَيْهِ الْحَج فِي ذمَّته إِن كَانَت الْإِجَارَة إِجَارَة ذمَّة فَيلْزمهُ فِيهَا أَن يَأْتِي بعد الْقَضَاء عَن نَفسه بِحَجّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute