وَهُوَ فِي الْبَاطِن بِخِلَاف ذَلِك حرم عَلَيْهِ الِاقْتِرَاض وَيملك الْقَرْض وَقد يكون الِاقْتِرَاض مُبَاحا كَمَا إِذا دفع الْقَرْض إِلَى غَنِي بسؤال من الدَّافِع مَعَ عدم احْتِيَاج الْغَنِيّ إِلَيْهِ فَيكون مُبَاحا لَا مُسْتَحبا لِأَنَّهُ لم يشْتَمل على تَنْفِيس كربَة وَقد يكون فِي ذَلِك غَرَض للدافع لحفظ مَاله بإحرازه فِي ذمَّة الْمُقْتَرض
وأركان الْقَرْض أَرْبَعَة عاقدان ومعقود عَلَيْهِ وَصِيغَة فِي غير الْقَرْض الْحكمِي أما هُوَ فَلَا يشْتَرط فِيهِ صِيغَة أصلا كإنفاق على لَقِيط وَإِنَّمَا يقْرض (بِإِيجَاب كأقرضتك) كَذَا أَو أسلفتك هَذَا وَإِن لم يقل فِي هَاتين الصيغتين بِمثلِهِ لِأَن ذَلِك وضع صِيغَة الْقَرْض أَو خُذْهُ بِمثلِهِ أَو بِبَدَلِهِ أَو ملكتكه على أَن ترد بدله أَو أَخذه ورد بدله أَو اصرفه فِي حوائجك ورد بدله فَإِن اقْتصر على قَوْله خُذْهُ أَو اصرفه فِي حوائجك من غير ذكر ورد بدله فكناية قرض إِذا سبقه أَقْرضنِي وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَة هبة أَو بيع إِن تقدم ذكر الثّمن فِي لفظ المُشْتَرِي وَلَو اقْتصر على ملكتكه فَإِن نوى مَعَه الْبَدَل فكناية قرض وَإِلَّا فهبة (وَقبُول) مُتَّصِل بِالْإِيجَابِ مُوَافق لَهُ فِي الْمَعْنى كاقترضت هَذَا وتملكته بِمثلِهِ وَقبلت قرضه نعم الْقَرْض الْحكمِي كإطعام جَائِع وَكِسْوَة عَار لَا يحْتَاج لصيغة وَمحل عدم اشْتِرَاط الصِّيغَة فِي الْمُضْطَر وُصُوله إِلَى حَالَة لَا يقدر مَعهَا على صِيغَة وَإِلَّا فَيشْتَرط وَلَا يكون إطْعَام الجائع وَكِسْوَة العاري وَنَحْوهمَا قرضا إِلَّا أَن يكون الْمُقْتَرض غَنِيا وَإِلَّا بِأَن كَانَ فَقِيرا والمقرض غَنِيا فَهُوَ صَدَقَة وَيصدق الْآخِذ فِيمَا إِذا ادّعى الْفقر وَأنْكرهُ الدَّافِع لِأَن الأَصْل عدم لُزُوم ذمَّته شَيْئا كَمَا قَالَ الشبراملسي والتماس الْمقْرض كَقَوْلِه اقْترض مني كإيجابه والمقترض كَقَوْلِه أقْرض كقبوله وَيشْتَرط فِي الْمقْرض أَهْلِيَّة التَّبَرُّع بِأَن يكون غير مَحْجُور عَلَيْهِ مُخْتَارًا فَلَا يَصح إقراض مكره إِذا كَانَ الْإِكْرَاه بِغَيْر حق فَلَو أكره بِحَق وَذَلِكَ بِأَن يجب عَلَيْهِ لنَحْو اضطرار صَحَّ وَيجوز إقراض كل مَا يسلم فِيهِ من حَيَوَان وَغَيره إِلَّا أمة وَلَو نَحْو رتقاء غير مشتهاة تحل لمقترض وَلَو ممسوحا أَو كَانَ صَغِيرا جدا فَلَا يجوز إقراضها وَإِن جَازَ الْمُسلم فِيهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبمَا تبقى الْأمة عِنْد الصَّغِير إِلَى بُلُوغه حدا يُمكنهُ التَّمَتُّع بهَا فِيهِ
(وَملك مقترض) شَيْئا مقرضا (بِقَبض) بِإِذن مقرض وَإِن لم يتَصَرَّف فِيهِ بِمَا يزِيل الْملك فينفقه وَيعتق عَلَيْهِ إِن كَانَ الشَّيْء الْمقْرض بَعْضًا للمقترض وَمَعَ حُصُول الْملك للمقترض جَازَ لَهُ رد لما اقترضه بِعَيْنِه وعَلى الْمقْرض قبُوله إِلَّا إِذا نقص فَهُوَ مُخَيّر بَين أَن يردهُ مَعَ الْأَرْش وَأَن يرد بدله مثله سليما
(ولمقرض اسْتِرْدَاد) فِي عين الْمقْرض إِن بَقِي فِي ملك الْمُقْتَرض أَو زَالَ عَن ملكه ثمَّ عَاد وَإِن كَانَ مؤجرا فَيَأْخذهُ مسلوب الْمَنْفَعَة أَو يَأْخُذ مثله أَو كَانَ مُعَلّقا عتقه بِصفة أَو مُدبرا وَيرجع الْمقْرض مَعَ زِيَادَة مُتَّصِلَة لَا مُنْفَصِلَة بِخِلَاف مَا لَو تعلق بالمقترض حق لَازم كرهن وَكِتَابَة وَتعلق أَرض جِنَايَة بِرَقَبَتِهِ فَلَا يرجع فِيهِ حِينَئِذٍ وَإِذا تلف مقرض وَلَو شرعا وَجب على مقترض رد مثل مَا اقترضه حَقِيقَة فِي المثلى وَلَو فِي نقد بَطل التَّعَامُل بِهِ وَصُورَة فِي الْمُتَقَوم لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْترض بكرا ورد رباعيا بِفَتْح الرَّاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute