وَذَلِكَ ليستوفي من ثمنهَا فَلَا يَصح رهن نَحْو أم ولد ومكاتب وَمَوْقُوف وجان تعلق بِرَقَبَتِهِ مَال ومدبر وَلَو رهن بِحَال لِأَن سَيّده قد يَمُوت فَجْأَة قبل التَّمَكُّن من بَيْعه ومعلق عتق بِصفة لم يعلم حُلُول الدّين قبلهَا وَلَا يشْتَرط ملك الرَّاهِن للعين بل يَصح الرَّهْن (وَلَو) كَانَت الْعين (عَارِية) لِأَنَّهُ يجوز اسْتِعَارَة شَيْء ليرهنه بِدِينِهِ بِالْإِجْمَاع وَإِن كَانَت الْعَارِية ضمنا كَمَا لَو قَالَ لغيره ارهن عَبدك على ديني فَفعل فَإِنَّهُ كَمَا لَو قَبضه وَرَهنه وَذَلِكَ لِأَن الرَّهْن توثق وَهُوَ يحصل بِمَا لَا يملكهُ كالإشهاد وَالْكَفَالَة فَإِن كلا مِنْهُمَا يحصل بِهِ التَّوَثُّق مَعَ كَونه لَيْسَ ملكا للشارط فَإِذا لزم الرَّهْن فَلَا رُجُوع للْمَالِك وَلَو أذن الرَّاهِن للْمُرْتَهن فِي بيع الْمَرْهُون وَاسْتِيفَاء الْحق فَإِن بَاعه بِحَضْرَة الرَّاهِن صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ يَبِيعهُ لغَرَض نَفسه فاتهم فِي غيبته بالاستعجال فَلَو قدر الثّمن انْتَفَت التُّهْمَة وَصَحَّ البيع مُطلقًا كَذَا فِي كِفَايَة الأخيار وَإِنَّمَا تصح الْعَارِية للرَّهْن من مَالك عَارِف بالمرتهن كَكَوْنِهِ زيدا وَكَونه وَاحِدًا أَو مُتَعَددًا وبجنس الدّين كذهب أَو فضَّة وبقدره كعشرة أَو مائَة وبصفته كصحة وتكسر وحلول وتأجيل نعم لَو قَالَ الْمَالِك للْمُسْتَعِير ارهن عَبدِي بِمَا شِئْت صَحَّ أَن يرهنه بِأَكْثَرَ من قِيمَته كَمَا نَقله الرَّمْلِيّ وَابْن حجر عَن الْقَمُولِيّ
الرُّكْن الرَّابِع الْمَرْهُون بِهِ وَله أَرْبَعَة شُرُوط لصِحَّة الرَّهْن
الأول كَونه دينا فِي نفس الْأَمر وَلَو زَكَاة تعلّقت بِالذِّمةِ بِأَن تلف المَال بعد التَّمَكُّن من إِخْرَاج الزَّكَاة فَيجوز الرَّهْن من الْمُسْتَحقّين المنحصرين أَو من كل ثَلَاثَة من كل صنف أَو من الإِمَام أَو مَنْفَعَة كالعمل فِي إِجَارَة الذِّمَّة لَا إِجَارَة الْعين فَلَا يَصح الرَّهْن بِسَبَب الْعين الْمَضْمُونَة كالمأخوذ بِالْبيعِ الْفَاسِد والمغصوبة والمستعار وَألْحق بِالْعينِ الْمَضْمُونَة مَا يجب رده فَوْرًا كالأمانة الشَّرْعِيَّة
الثَّانِي كَونه مَوْجُودا حَالا فَلَا يَصح بِغَيْرِهِ وَإِن جرى سَبَب وُجُوبه كَنَفَقَة زَوجته فِي الْغَد
الثَّالِث كَونه لَازِما فِي نَفسه كَثمن الْمَبِيع بعد الْخِيَار دون دين الْكِتَابَة فَلَا يَصح الرَّهْن بِجعْل الْجعَالَة قبل الْفَرَاغ من الْعَمَل
الرَّابِع كَونه مَعْلُوما لَهما لَكِن يجوز الرَّهْن بقوله رهنتك هَذَا بِمَا عَليّ من دِرْهَم إِلَى عشرَة كَمَا جَازَ ضَمَان ذَلِك فَيكون ضَامِنا لتسعة كَمَا قَالَه الرَّمْلِيّ وَابْن حجر
وَاعْلَم أَن الشَّرْط فِي الرَّهْن لما يُوَافق مُقْتَضَاهُ كتقديم مُرْتَهن بالمرهون عِنْد تزاحم الْغُرَمَاء مُؤَكد للرَّهْن وَالشّرط فِيهِ بِمَا فِيهِ مصلحَة وَهُوَ مَا لَيْسَ بِلَازِم مُسْتَحبا كَانَ أَو مُبَاحا كالإشهاد بِالْعقدِ لَازم وَالشّرط فِيهِ بِكَوْن العَبْد الْمَرْهُون لَا يَأْكُل إِلَّا كَذَا لَغْو إِلَّا إِذا أضرّ العَبْد بِأَكْل غير مَا شَرط بِأَن نقصت بِهِ الْوَثِيقَة فَلَا يكون ذَلِك الشَّرْط لَغوا لوُجُود الْغَرَض وَالشّرط بِمَا يضر أحد الْعَاقِدين مُفسد للرَّهْن
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ المُصَنّف بقوله (لَا) يَصح الرَّهْن (بِشَرْط مَا يضر) الْمُرْتَهن وينفع الرَّاهِن (كَأَن لَا يُبَاع) أَي الْمَرْهُون (عِنْد الْمحل) بِكَسْر الْحَاء أَي وَقت الْحُلُول أَو لَا يُبَاع إِلَّا بِأَكْثَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute