فَلَا دلَالَة فِيهِ على الرِّضَا بِقَبْضِهِ عَن الْمُؤَجّر أَو الْمُعير أَو الْمَالِك فِي الأَصْل
أما الْوكَالَة بِجعْل فَلَا بُد فِيهَا من الْقبُول فَوْرًا لفظا وَلَا فرق بَين كَون التَّوْكِيل بِصِيغَة الْأَمر أَو غَيره كَمَا أَفَادَهُ الشبراملسي خلافًا لِابْنِ حجر وَذَلِكَ فِيمَا إِذا كَانَ الْعَمَل الْمُوكل فِيهِ مضبوطا لتَكون الْوكَالَة حِينَئِذٍ إِجَارَة
(تصح وكَالَة فِي كل عقد) كَبيع وَغَيره (وَفسخ) بِنَحْوِ عسر أَو إِقَالَة أَو تحالف (عَلَيْهِ) أَي الْمُوكل فِيهِ (ولَايَة لموكل) وَقت التَّوْكِيل فَإِن شَرط الْمُوكل فِيهِ أَن يملك الْمُوكل التَّصَرُّف فِيهِ حِين التَّوْكِيل أَو يذكرهُ تبعا لذَلِك فَلَو وكل بِبيع عبد سيملكه وَطَلَاق امْرَأَة سينكحها بَطل التَّوْكِيل لانْتِفَاء ولَايَته عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَو وكل الْوَلِيّ من يُزَوّج موليته إِذا انْقَضتْ عدتهَا أَو طلقت لم يَصح التَّوْكِيل على مَا صحّح الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا وَلَو قَالَت الْمَرْأَة لوَلِيّهَا وَهِي فِي نِكَاح أَو عدَّة أَذِنت لَك فِي تزويجي إِذا حللت صَحَّ الْإِذْن كَمَا نَقله الشَّيْخَانِ عَن فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَالْفرق بَين التَّوْكِيل وَالْإِذْن أَن تَزْوِيج الْوَلِيّ بِالْولَايَةِ الشَّرْعِيَّة وتزويج الْوَكِيل بِالْولَايَةِ الجعلية فَالْأولى أقوى وَبَاب الْإِذْن أوسع من بَاب الْوكَالَة وَيصِح التَّوْكِيل فِي قبض حق عين أَو دين وإقباض لَهُ كَذَلِك
نعم لَا يَصح تَوْكِيل إقباض الْعين الَّذِي يقدر على ردهَا بِنَفسِهِ مَضْمُونَة أَو أَمَانَة لانْتِفَاء إِذن مَالِكهَا فِي ذَلِك وَمن ثمَّ ضمن بِهِ مَا لم تصل بِحَالِهَا لمَالِكهَا وَيصِح فِي الدَّعْوَى بِنَحْوِ مَال أَو عُقُوبَة لغير الله تَعَالَى وَفِي الْجَواب وَإِن كره الْخصم وَتَصِح الْوكَالَة بِجعْل وَغَيره فِي تملك الْمُبَاحَات كإحياء واحتطاب واصطياد فَيملكهُ الْمُوكل إِن قَصده الْوَكِيل وَإِلَّا فَلَا
أما فِي الْتِقَاط غير الْمعِين فَلَا تصح
(لَا) تصح الْوكَالَة فِي (إِقْرَار) كوكلتك لتقر عني لفُلَان بِكَذَا فَيَقُول أَقرَرت عَنهُ بِكَذَا أَو جعلته مقرا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِخْبَار عَن حق فَلَا يقبل التَّوْكِيل كَالشَّهَادَةِ نعم التَّوْكِيل فِي الْإِقْرَار بِمعين أَو مُبْهَم إِقْرَار بِخِلَاف التَّوْكِيل فِي مُطلق الْإِقْرَار
(و) لَا فِي (يَمِين) كلعان وإيلاء وظهار كَأَنْت على موكلي كَظهر أمه أَو جعلت موكلي مُظَاهرا مِنْك لِأَن الْيَمين كالعبادات لتَعلق حكمهَا بتعظيمه تَعَالَى وَمَا بعْدهَا يشبهها وَمثلهَا النّذر وَتَعْلِيق نَحْو الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالتَّدْبِير فالتوكيل بِسَائِر التَّعَالِيق بَاطِل سوى الْوَصِيَّة وَالْولَايَة على الْجَيْش مثلا بِأَن يَقُول إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر فقد أوصيت لَهُ بِكَذَا لِأَن الْوَصِيَّة تقبل الْجعَالَة وَبِأَن يَقُول إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر ففلان أَمِير فِي الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة للْحَاجة إِلَى الْإِمَارَة وَلَا يضر تَعْلِيق التَّصَرُّف فَقَط كبعه لَكِن بعد شهر وَلَا يضر تَوْقِيت الْوكَالَة كوليتك شهرا (و) لَا فِي (عبَادَة) وَإِن لم تحتج لنِيَّة كالأذان وَالْإِقَامَة إِذْ الْقَصْد مِنْهَا امتحان عين الْمُكَلف وَيسْتَثْنى من ذَلِك أَشْيَاء الْحَج وَالْعمْرَة وَذبح أضْحِية وعقيقة وهدي وشَاة وَلِيمَة وتفريق زَكَاة وَنذر وَصدقَة وَكَفَّارَة وَصَوْم الْكَفَّارَات وركعتا الطّواف إِذا صلاهما الْأَجِير تبعا للطَّواف
أما إِذا وكل فيهمَا فَقَط فَلَا تصح الْوكَالَة قطعا كَمَا صرح بِهِ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا تصح الْوكَالَة (بِإِيجَاب) وَهُوَ مَا دلّ على إِذن الْمُوكل فِي التَّصَرُّف من لفظ أَو كِتَابَة أَو إِشَارَة أخرس مفهمة للْوَكِيل فَإِن فهمها كل أحد كَانَت صَرِيحَة سَوَاء كَانَ الْإِيجَاب بِصِيغَة العقد (كوكلتك)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute