للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُوكل لَهُ فَاسِقًا أَو غَيره

(وَهُوَ) أَي الْوَكِيل (أَمِين) وَإِن كَانَ يَجْعَل لنيابته عَن مُوكله فِي الْيَد وَالتَّصَرُّف وَلِأَنَّهُ عقد إِحْسَان وَالضَّمان منفر عَنهُ وَقَول الْوَكِيل فِي تلف المَال مَقْبُول بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِين كالوديع وَكَذَا قَوْله فِي الرَّد للمعوض أَو الْعِوَض على مُوكله فَإِنَّهُ مَقْبُول حَيْثُ لم تبطل أَمَانَته لِأَنَّهُ أَخذ الْعين لنفع الْمُوكل أما لَو ادّعى الْوَكِيل أَنه أرسل الْعِوَض للْمُوكل مَعَ وَكيل عَن نَفسه فِي الدّفع فَلَا يقبل لِأَن الْمُوكل لم يأتمن الرَّسُول وَلم يَأْذَن للْوَكِيل فِي الدّفع إِلَيْهِ فطريقه فِي بَرَاءَة ذمَّته مِمَّا بِيَدِهِ أَن يسْتَأْذن الْمُوكل فِي الْإِرْسَال لَهُ مَعَ من تيَسّر الْإِرْسَال مَعَه وَلَو غير معِين

(فَإِن تعدى) أَي الْوَكِيل (ضمن) ضَمَان الغصوب كَسَائِر الْأُمَنَاء وَمن التَّعَدِّي أَن يضيع مِنْهُ المَال وَلَا يعرف كَيفَ ضَاعَ أَو وَضعه فِي مَحل ثمَّ نَسيَه أَو نسي من عَامله وَلَا يَنْعَزِل الْوَكِيل بِالتَّعَدِّي بِغَيْر إِتْلَاف الْمُوكل فِيهِ لِأَن الْوكَالَة إِذن فِي التَّصَرُّف وَالْأَمَانَة حكم يتَفَرَّع عَلَيْهَا وَلَا يلْزم من ارتفاعها ارْتِفَاع أَصْلهَا كَالرَّهْنِ بِخِلَاف الْوَدِيعَة فَإِنَّهَا مَحْض ائتمان فارتفعت بِالتَّعَدِّي (وينعزل) أَي الْوَكِيل (بعزل أَحدهمَا) أَي الْوَكِيل وَالْمُوكل وصريحه عزل وَفسخ وَخُرُوج وَإِبْطَال ورد وَإِزَالَة وَرفع وَنَحْوهَا وَإِن لم يعلم الْمَعْزُول وَإِنَّمَا توقف انعزال القَاضِي على الْعلم لتَعلق الْمصَالح الْكُلية بِهِ وَكَذَا الْمُسْتَعِير لِأَنَّهُ مَأْذُون لَهُ فِي اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة فَلَا تضمن عَلَيْهِ قبل علمه بِرُجُوع الْمُعير لِأَن المقصر هُوَ الْمُعير وَيَنْبَغِي الْإِشْهَاد على الْعَزْل إِذْ لَا يصدق الْمُوكل بعد تصرف الْوَكِيل فِي قَوْله كنت عزلته إِلَّا بِبَيِّنَة وينعزل أَيْضا بِسَبَب إِنْكَار أَحدهمَا الْوكَالَة عَامِدًا بِلَا عذر لَهُ فِي الْإِنْكَار من نَحْو خوف ظَالِم على أَخذه المَال الْمُوكل فِيهِ أَو نِسْيَان لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ رد للوكالة بِخِلَاف الْإِنْكَار لعذر

(و) يَنْعَزِل الْوَكِيل أَيْضا بِزَوَال أَهْلِيَّة وَاحِد مِنْهُمَا (بِمَوْت أَو جُنُون) وَإِن لم يعلم الآخر بِهِ وَإِن قصرت مُدَّة الْجُنُون أَو بإغماء إِلَّا إِذا لم يسْقط بِهِ فرض الصَّلَاة لخفته نعم وَكيل رمي الْجمار لَا يَنْعَزِل بإغماء الْمُوكل لِأَنَّهُ زِيَادَة فِي عَجزه الْمُشْتَرط لصِحَّة الْإِنَابَة وَمثل ذَلِك طرُو نَحْو الْفسق أَو الرّقّ أَو التبذير فِيمَا شَرط فِيهِ السَّلامَة من ذَلِك (وَزَوَال ملك مُوكل) عَمَّا وكل فِيهِ حَتَّى لَو بَاعه الْوَكِيل ثمَّ عَاد إِلَيْهِ بِنَحْوِ عيب لَا يَبِيعهُ ثَانِيًا إِلَّا بِإِذن جَدِيد وَزَوَال منفعَته الَّتِي يملكهَا عَنهُ كتزويج الْأمة لَا العَبْد فَإِذا زَوجهَا سَيِّدهَا انْعَزل الْوَكِيل فِي بيعهَا وكالإجارة وَالرَّهْن مَعَ الْقَبْض لإشعار ذَلِك بالندم على التَّصَرُّف وَإِن عزل الْوَكِيل وَهُوَ غَائِب انْعَزل فِي الْحَال لِأَنَّهُ لم يحْتَج للرضا فَلم يحْتَج للْعلم كَالطَّلَاقِ

(و) يَنْبَغِي للْمُوكل الْإِشْهَاد إِذْ (لَا يصدق) أَي الْمُوكل فِي قَوْله كنت عزلت الْوَكِيل (بعد تصرف) من الْوَكِيل (إِلَّا بِبَيِّنَة) وَإِن وَافقه بِالنِّسْبَةِ للْمُشْتَرِي مثلا من الْوَكِيل أما فِي غير ذَلِك فَإِن وَافقه على الْعَزْل وَلَكِن ادّعى أَنه بعد التَّصَرُّف ليستحق الْجعل مثلا فَإِذا اتفقَا على وَقت الْعَزْل وَقَالَ الْوَكِيل تصرفت قبله وَقَالَ الْمُوكل بعده حلف الْمُوكل أَنه لَا يعلم أَنه تصرف قبله فَيصدق لِأَن الأَصْل عَدمه إِلَى مَا بعده أَو اتفقَا على وَقت التَّصَرُّف وَقَالَ الْمُوكل عزلتك قبله فَقَالَ الْوَكِيل بل بعده حلف الْوَكِيل أَنه لَا يعلم عَزله قبله فَيصدق فَإِن تنَازعا فِي السَّبق بِلَا اتِّفَاق فِي الْوَقْت صدق من سبق بِالدَّعْوَى سَوَاء جَاءَا مَعًا للْقَاضِي أم لَا لِأَن مدعاه سَابق لاستقرار الحكم بقوله فَإِن ادّعَيَا

<<  <   >  >>