الْمَوْت وَيَمُوت فِيهِ لِأَن الْمَرِيض مَحْجُور عَلَيْهِ فِي الزَّائِد بِخِلَاف مَا إِذا شفي مِنْهُ فَإِنَّهُ ينفذ لتبين عدم الْحجر وَذَلِكَ (إِن رده) أَي الزَّائِد (وَارِث) خَاص مُطلق التَّصَرُّف لِأَنَّهُ حَقه فَإِن كَانَ الْوَارِث عَاما بطلت الْوَصِيَّة فِي الزَّائِد ابْتِدَاء من غير رد لِأَن الْحق للْمُسلمين فَلَا مجيز
أما إِذا كَانَ الْوَارِث الْخَاص غير مُطلق التَّصَرُّف فَلَا يَصح رده وَلَا إِجَازَته بل توقف إِلَى كَمَاله إِن رجى وَإِلَّا كجنون مستحكم أيس من برئه بطلت الْوَصِيَّة ظَاهرا وَإِلَّا فَلَا وعَلى كل من الْيَأْس من برئه وَعَدَمه فَمَتَى برأَ وَأَجَازَ بَان نفوذها وَإِن أجَاز الْوَارِث الْخَاص الْمُطلق التَّصَرُّف فإجازته إِمْضَاء لتصرف الْمُوصي بِالزِّيَادَةِ على الثُّلُث لصِحَّته وَحقّ الْوَارِث إِنَّمَا يثبت فِي ثَانِي الْحَال وَهُوَ بعد الْإِجَازَة لَا وَقت الْمَوْت فَأشبه عَفْو الشَّفِيع من حَيْثُ كَونه بعد البيع لَا قبله وَيعْتَبر المَال ليعلم قدر الثُّلُث مِنْهُ وَقت الْمَوْت لَا وَقت الْوَصِيَّة وبالموت تلْزم من جِهَة الْمُوصي
فَلَو قتل فَوَجَبت دِيَته بِنَفس الْقَتْل بِأَن كَانَ خطأ أَو شبه عمد ضمت لمَاله حَتَّى لَو أوصى بِثُلثِهِ أَخذ الْمُوصى لَهُ ثلث الدِّيَة
أما لَو كَانَ الْقَتْل عمدا يُوجب الْقصاص إِذا عُفيَ عَنهُ على مَال بعد مَوته فَلَا يضم إِلَى التَّرِكَة لِأَنَّهُ لم يكن مَال الْمُوصي وَقت الْمَوْت وَلَو أوصى برقيق وَلَا رَقِيق لَهُ ثمَّ ملك عِنْد الْمَوْت رَقِيقا تعلّقت الْوَصِيَّة بِهِ وَلَو زَاد مَاله تعلّقت الْوَصِيَّة بذلك الزَّائِد (وَيعْتَبر مِنْهُ) أَي الثُّلُث الَّذِي يُوصي بِهِ (عتق علق بِالْمَوْتِ) فِي الصِّحَّة أَو الْمَرَض وَلَو مَعَ غَيره كَمَا لَو قَالَ إِن مت وَدخلت الدَّار فَأَنت حر
نعم لَو قَالَ صَحِيح لرقيقه أَنْت حر قبل مرض موتِي بِيَوْم ثمَّ مَاتَ من مرض بعد التَّعْلِيق بِأَكْثَرَ من يَوْم أَو قبل موتِي بِشَهْر ثمَّ مرض دونه وَمَات بعد أَكثر من شهر عتق من رَأس المَال فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَن عتقه وَقع فِي الصِّحَّة (ووقف) وعارية عين سنة مثلا وتأجيل ثمن مَبِيع كَذَلِك فَيعْتَبر من الثُّلُث أُجْرَة الْعَارِية وَثمن الْمَبِيع وَإِن بَاعه بأضعاف ثمن مثله لِأَن تَفْوِيت يدهم كتفويت ملكهم (وَهبة) منجزة فِي مرض الْمَوْت وَعتق لغير مستولدته إِذْ هُوَ لَهَا فِيهِ من رَأس المَال وإبراء وَهبة فِي صِحَة وإقباض فِي مرض حَيْثُ اتّفق الْمُتَّهب وَالْوَارِث على أَن الْقَبْض وَقع فِي الْمَرَض وَإِلَّا حلف الْمُتَّهب أَن الْقَبْض وَقع فِي الصِّحَّة فَيكون الِاعْتِبَار من رَأس المَال
وَاعْلَم أَنه إِذا ثَبت الْمَرَض مخوفا عندنَا فِي زمن الْمَرَض وَمَات بِهِ حكم عِنْد الْمَوْت بِعَدَمِ نُفُوذ التَّبَرُّع الزَّائِد على الثُّلُث حِينَئِذٍ فَإِن برأَ نفذ وَإِن ثَبت عندنَا فِي زمن الْمَرَض أَنه غير مخوف فَمَاتَ فَإِن حمل على الْفجأَة حكمنَا بعد الْمَوْت بنفوذه وَإِلَّا فَلَا وَلَو تصرف فِي مرض غير مخوف ثمَّ عقبه مرض مخوف وَمَات بِهِ فَإِن كَانَ الْمَرَض الأول مِمَّا لَا يتَوَلَّد عَنهُ الثَّانِي عَادَة نفذ التَّصَرُّف فِيهِ وَإِن كَانَ مِمَّا يتَوَلَّد عَنهُ الثَّانِي عَادَة لم ينفذ لِأَن الْمَوْت مَنْسُوب إِلَيْهِ وَلَو بِوَاسِطَة كَمَا قَالَه عمر الْبَصْرِيّ
ثمَّ الْوَصِيَّة إِن كَانَ مَطْلُوبَة حِين فعلهَا إِذا عرض للْمُوصى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنه يصرفهَا فِي محرم وَجب الرُّجُوع أَو فِي مَكْرُوه ندب الرُّجُوع أَو فِي طَاعَة كره الرُّجُوع
(وَتبطل) أَي الْوَصِيَّة (بِرُجُوع)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute