وَالْحَاصِل أَن الْمُثبت للْفَسْخ خَمْسَة قيود الْإِعْسَار وَكَونه بِالنَّفَقَةِ وَكَونهَا نَفَقَة الزَّوْجَة وماضية وَكَونهَا نَفَقَة مُعسر لَكِن مثل النَّفَقَة الْكسْوَة والمسكن فَلَا فسخ بالإعسار عَن الْأَوَانِي والفرش وَلَو لما لَا بُد مِنْهُ للشُّرْب وَالْجُلُوس وَالنَّوْم وَإِن لزم أَن تنام على البلاط والرخام المضر
(و) لَا فسخ بإعسار بِمهْر أَو نَحْو نَفَقَة (قبل ثُبُوت إِعْسَاره) أَي الزَّوْج (عِنْد قَاض) أَو مُحكم بِشَرْط أَن يكون مُجْتَهدا وَلَو مَعَ وجود قَاض أَو مُقَلدًا وَلَيْسَ فِي الْبَلَد قَاضِي ضَرُورَة فَلَا بُد من الرّفْع إِلَيْهِ وَيثبت إعسار الصَّغِير بِالْبَيِّنَةِ كَغَيْرِهِ وإعسار غَيره بهَا إِن عرف لَهُ مَال وَإِلَّا كفى الْيَمين على الْمُعْتَمد
(ف) إِذا ثَبت الْإِعْسَار (يُمْهل) أَي القَاضِي أَو الْمُحكم وجوبا (ثَلَاثَة) من الْأَيَّام بلياليها وَلَو فِي الْمهْر على الْمُعْتَمد وَإِن لم يطْلب الزَّوْج الْإِمْهَال ليتَحَقَّق عَجزه فَإِنَّهُ قد يعجز لعَارض ثمَّ يَزُول وَهِي مُدَّة قريبَة يتَوَقَّع فِيهَا الْقُدْرَة بقرض أَو غَيره وَلها خُرُوج فِيهَا لتَحْصِيل نَفَقَة مثلا بكسب أَو سُؤال وَعَلَيْهَا رُجُوع إِلَى مَسْكَنهَا لَيْلًا لِأَنَّهُ وَقت الرَّاحَة وَلَيْسَ لَهَا مَنعه من التَّمَتُّع فِي غير أَوْقَات التَّحْصِيل
(ثمَّ) بعد الْإِمْهَال (يفْسخ هُوَ) أَي القَاضِي بِنَفسِهِ أَو نَائِبه صَبِيحَة الرَّابِع فَإِن سلم نَفَقَة الرَّابِع فَلَا فسخ لتبين زَوَال مَا كَانَ الْفَسْخ لأَجله فَإِن أعْسر بعد أَن سلم نَفَقَة الْيَوْم الرَّابِع بِنَفَقَة الْخَامِس ثَبت الْفَسْخ على الْمدَّة فلهَا الْفَسْخ حَالا فَمَتَى أنْفق ثَلَاثَة أَيَّام مُتَوَالِيَة وَعجز استأنفت وَإِن أنْفق دون الثَّلَاثَة بنت على مَا قبله
وَالْحَاصِل أَنه إِن تخَلّل بَين الْيَسَار والإعسار دون ثَلَاثَة ثَبت وَإِلَّا استأنفت (أَو هِيَ) أَي الزَّوْجَة (بِإِذْنِهِ) أَي القَاضِي لَهَا فِي الْفَسْخ لِأَنَّهُ مُجْتَهد فِي ذَلِك الْإِعْسَار كالعنة فَلَا ينفذ مِنْهَا قبل ذَلِك الْإِذْن ظَاهرا وَلَا بَاطِنا وعدتها تحسب من وَقت الْفَسْخ وَلَيْسَ لَهَا مَعَ علمهَا بِالْعَجزِ الْفَسْخ قبل الرّفْع إِلَى القَاضِي أَو الْمُحكم وَلَا بعده قبل الْإِذْن فِيهِ
نعم إِن عجزت عَن الرّفْع إِلَى القَاضِي أَو الْمُحكم كَأَن قَالَ لَهَا لَا أفسخ حَتَّى تُعْطِينِي مَالا وفسخت نفذ الْفَسْخ ظَاهرا وَبَاطنا للضَّرُورَة وَإِن لم يكن فِي محلهَا قَاض وَلَا مُحكم اسْتَقَلت بِالْفَسْخِ فَتَقول فسخت نِكَاحي
وَصُورَة الْمَسْأَلَة أَن الرّفْع للْقَاضِي سبق إِذْ لَا عِبْرَة بمهلة بِلَا قَاض وَكَذَا يُقَال فِيمَا سبق
قَالَ بَعضهم وَالْقِيَاس لُزُوم الْإِشْهَاد لَهَا وَسُئِلَ الرَّمْلِيّ عَن شخص غَابَ عَن الْبَلَد فَهَل تفسخ عَلَيْهِ زَوجته فِي صَبِيحَة الرَّابِع كالحاضر أَو كَانَ الحكم خَاصّا بالحاضر
فَأجَاب بِأَنَّهُ إِن شهِدت بَيِّنَة شَرْعِيَّة بِأَنَّهُ مُعسر الْآن عَن نَفَقَة المعسرين وَلَو باستنادها إِلَى الِاسْتِصْحَاب بِشَرْطِهِ أمهله الْحَاكِم ثَلَاثَة أَيَّام ومكنها من الْفَسْخ صَبِيحَة الرَّابِع وَحِينَئِذٍ فَالْحكم شَامِل للحاضر وَالْغَائِب
(مهمات) سُئِلَ بَعضهم عَن رجل يملك عِصَابَة عَلَيْهَا ذهب وَفِضة ولؤلؤ دَفعهَا لزوجته على السُّكُوت من غير أَن يذكر لَهَا أَنَّهَا وَدِيعَة أَو هبه فَهَل تَملكهَا بِمُجَرَّد وضع الْيَد عَلَيْهَا أم كَيفَ الْحَال
فَأجَاب بقوله الْعِصَابَة الْمَذْكُورَة أَمَانَة شَرْعِيَّة بيد الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وَللزَّوْج نَزعهَا مِنْهَا قهرا عَلَيْهَا أَي وَقت أَرَادَهُ لِأَنَّهَا ملكه وَلم يصدر مِنْهُ صِيغَة شَرْعِيَّة تنقل ملكه عَنْهَا للزَّوْجَة فَهِيَ بَاقِيَة على ملكه وَمَا اشْتهر على أَلْسِنَة الْعَامَّة من أَن كل شَيْء تتمتع فِيهِ الْمَرْأَة يصير ملكا لَهَا