فيفصل فَإِن تواطئوا قتلوا وَإِلَّا فَلَا يقتلُون وَتجب الدِّيَة وكل ذَلِك إِذا كَانَ فعل كل لَهُ دخل فِي الْقَتْل فَإِن كَانَ خَفِيفا لَا يُؤثر أصلا فَصَاحب ذَلِك الْفِعْل لَا دخل لَهُ لَا فِي قصاص وَلَا دِيَة وَأما إِذا كَانَ فعل بعض يقتل لَو انْفَرد وَفعل بعض لَا يقتل لَو انْفَرد لَكِن لَهُ دخل فِي الْقَتْل فِي الْجُمْلَة فَصَاحب الأول يقتل مُطلقًا وَصَاحب الثَّانِي يقتل إِن تواطئوا وَإِلَّا فَلَا يقتل بل تجب حِصَّته من الدِّيَة وللولي الْعَفو عَن بَعضهم بِحِصَّتِهِ من الدِّيَة وَقتل الْبَعْض الآخر وَعَن جَمِيعهم على أَخذ الدِّيَة ثمَّ إِن كَانَ الْقَتْل بجراحات وزعت الدِّيَة بِاعْتِبَار عدد الرؤوس لِأَن تَأْثِير الْجِرَاحَات لَا يَنْضَبِط وَقد يزِيد ضَرَر الْجرْح الْوَاحِد على جراحات كَثِيرَة فتوزع الدِّيَة على عَددهمْ فعلى الْوَاحِد من الْعشْرَة عشرهَا وَسَوَاء كَانَت جراحات بَعضهم أفحش أَو جراحات بَعضهم أَكثر أم لَا وَلَو كَانَت جراحات بَعضهم ضَعِيفَة لَا تُؤثر فِي الزهوق كالخدشة الْخَفِيفَة فَلَا اعْتِبَار بهَا وَإِن كَانَ بِالضَّرْبِ فعلى عدد الضربات لِأَنَّهَا تلاقي الظَّاهِر وَلَا يعظم فِيهَا التَّفَاوُت بِخِلَاف الْجِرَاحَات وَذَلِكَ حَيْثُ اتَّفقُوا على عدد الضربات فَإِن اتَّفقُوا على أصل الضَّرْب وَاخْتلفُوا فِي عَددهَا أَخذ من كل الْمُتَيَقن ووقف الْأَمر فِيمَا بَقِي إِلَى الصُّلْح وَلَو ضربوه بسياط فَقَتَلُوهُ وَضرب كل مِنْهُم لَا يقتل لَو انْفَرد ومجموعها يقتل غَالِبا قتلوا إِن تواطئوا على ضربه وَإِلَّا بِأَن وَقع الضَّرْب اتِّفَاقًا فديَة الْعمد تجب عَلَيْهِم بِاعْتِبَار عدد الضربات وَإِنَّمَا لم يعْتَبر التواطؤ فِي الْجِرَاحَات وَنَحْوهَا لِأَن ذَلِك يقْصد بِهِ الإهلاك بِخِلَاف الضَّرْب بِنَحْوِ سَوط أما إِذا كَانَ ضرب كل مِنْهُم يتقل فيقتلون مُطلقًا وَإِذا آل الْأَمر إِلَى الدِّيَة وزعت على الضربات (مُوجب الْعمد) فِي نفس أَو طرف وَهُوَ بِفَتْح الْجِيم أَي مسبب الْعمد (قَود) بِفَتْح الْوَاو أَي قصاص سمي قودا لأَنهم يقودون الْجَانِي وَغَيره بِحَبل أَو نَحوه
(وَالدية) فِي النَّفس وَأرش غَيرهَا (بدل) عَن المجنى عَلَيْهِ عِنْد سُقُوط الْقصاص بِمَوْت الْجَانِي أَو إِرْث بعض الْقصاص أَو بِعَفْو عَنهُ على الدِّيَة فَلَو عَفا الْمُسْتَحق عَن الْقصاص مجَّانا كَأَن يَقُول عَفَوْت عَنْك بِلَا دِيَة أَو مُطلقًا بِأَن لم يتَعَرَّض للدية بالإثبات وَلَا بِالنَّفْيِ فَلَا شَيْء لِأَن الْقَتْل لَا يُوجِبهَا وَالْعَفو إِسْقَاط ثَابت وَهُوَ الْقود لَا إِثْبَات مَعْدُوم وَهُوَ الدِّيَة وَالْعَفو سنة مُؤَكدَة وَبِغير مَال أفضل (وَهِي) أَي الدِّيَة الْوَاجِبَة ابْتِدَاء كَمَا فِي قتل الْوَالِد وَلَده على نَوْعَيْنِ أما الدِّيَة الْوَاجِبَة بَدَلا عَن الْقود لَا تكون إِلَّا مُغَلّظَة الأول مُغَلّظَة من وَجه وَاحِد كَمَا فِي شبه الْعمد وَهُوَ كَون الدِّيَة مُثَلّثَة أَو من ثَلَاثَة أوجه كَمَا فِي الْعمد وَهِي كَونهَا على الْجَانِي وَحَالَة وَمن جِهَة السن
وَالثَّانِي مُخَفّفَة من وَجْهَيْن كَمَا فِي شبه الْعمد وهما وُجُوبهَا على الْعَاقِلَة ووجوبها مُؤَجّلَة فِي ثَلَاث سِنِين أَو من ثَلَاثَة أوجه كَمَا فِي الْخَطَأ وَهِي كَونهَا مخمسة وعَلى الْعَاقِلَة وَكَونهَا مُؤَجّلَة فِي ثَلَاث سِنِين فديَة حر مُسلم ذكر مَعْصُوم غير جَنِين إِذا صدر الْقَتْل من حر (مائَة بعير) إِجْمَاعًا سَوَاء أوجبت بِالْعَفو أَو ابْتِدَاء كَقَتل الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ أما إِذا صدر قتل ذَلِك من رَقِيق فَالْوَاجِب أقل الْأَمريْنِ من قيمَة الْقَاتِل وَالدية هَذَا إِذا كَانَ الرَّقِيق غير رَقِيق الْمَقْتُول (مُثَلّثَة فِي عمد وَشبهه) وَكَذَا فِي خطأ فِي موَاضعه الْآتِيَة وَيزِيد تَغْلِيظ دِيَة الْعمد بِكَوْنِهَا على الْجَانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute