لِأَن اسْتِدَامَة الْإِسْلَام شَرط فَإِذا عزم على الْكفْر كفر حَالا (أَو قولا أَو فعلا باعتقاد) أَي مَعَ اعْتِقَاد لذَلِك الْعَزْم أَو القَوْل أَو الْفِعْل كَأَن قَالَ لشخص يَا كَافِر مُعْتَقدًا أَن الْمُخَاطب متصف بذلك حَقِيقَة (أَو) مَعَ (عناد) أَي معاندة شخص ومخاصمة لَهُ وَقد عرف بباطنه أَنه الْحق وَامْتنع أَن يقر بِهِ (أَو) مَعَ (استهزاء) أَي تحقير واستخفاف فَخرج بِهِ من يُرِيد إبعاد نَفسه أَو الْإِطْلَاق بقوله لَا أفعل كَذَا وَإِن جَاءَنِي النَّبِي مثلا وَخرج عَن ذَلِك من سبق لِسَانه إِلَى قَول مكفر وَذَلِكَ (كنفي صانع) كالدهريين الزاعمين أَن الْعَالم لم يزل مَوْجُودا كَذَلِك بِلَا صانع أَو اعْتِقَاد حُدُوث الصَّانِع أَو قدم الْعَالم
(و) نفي (نَبِي) مجمع عَلَيْهِ فِي نبوته أَو نفي رَسُول كَذَلِك أَو تَكْذِيبه أَو تنقيصه بِأَيّ منقص كَأَن صغر اسْمه مرِيدا تحقيره أَو تَجْوِيز نبوة أحد بعد وجود نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتمني النُّبُوَّة بعد وجود نَبينَا مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كتمني كفر مُسلم بِقصد الرِّضَا بِهِ لَا التَّشْدِيد عَلَيْهِ لكَونه ظلمه مثلا وَيُؤْخَذ من هَذَا جَوَاز الدُّعَاء على الظَّالِم بِسوء الخاتمة كَمَا نَقله الشبراملسي عَن ابْن قَاسم
(وَجحد مجمع عَلَيْهِ) مَعْلُوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ مَا يشْتَرك فِي مَعْرفَته الْخَاص وَالْعَام كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَة أَو الرَّاتِبَة وكنحو النّصْف للزَّوْج إِرْثا وحلال البيع وَالنِّكَاح وَحُرْمَة الزِّنَا وَالْخمر أما مَا لَا يعرفهُ إِلَّا الْخَواص كاستحقاق بنت الابْن السُّدس مَعَ بنت الصلب وكحرمة نِكَاح المعتد للْغَيْر فَلَا كفر بجحده لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيب وَإِن علمه ثمَّ أنكرهُ كَمَا اعْتَمدهُ الشبراملسي
(وَسُجُود لمخلوق) إِلَّا لضَرُورَة كَأَن كَانَ فِي بِلَاد الْكفَّار وأمروه بِهِ وَخَافَ على نَفسه وَخرج بِالسُّجُود الرُّكُوع فَلَا كفر بِهِ وَإِن كَانَ حَرَامًا مَا لم يقْصد بِهِ التَّعْظِيم للمخلوق كتعظيم الله وَإِلَّا كَانَ كفرا أَيْضا أما مَا جرت بِهِ الْعَادة من خفض الرَّأْس والإنحناء إِلَى حد لَا يصل بِهِ إِلَى أقل الرُّكُوع فَلَا كفر بِهِ وَلَا حُرْمَة أَيْضا لَكِن يَنْبَغِي كَرَاهَته كَمَا قَالَه الشبراملسي (وَتردد فِي كفر) هَل يكفر أَو لَا وَإِنَّمَا كَانَ مكفرا لِأَن اسْتِدَامَة الْإِيمَان وَاجِبَة والتردد ينافيها وَفِي إِلْحَاق التَّرَدُّد فِي فعل مكفر بالتردد فِي الْإِلْقَاء تردد فِي الْكفْر تَأمل
(ويستتاب) وجوبا حَالا (مُرْتَد) بِأَن يُؤمر بِالشَّهَادَتَيْنِ فَيَأْتِي بهما مَعَ ترتيبهما وموالاتهما وَإِن كَانَ مقرا بِأَحَدِهِمَا وَإِن كَانَ كفره بِمَا لَا يُنَافِي الْإِقْرَار بهما أَو بِأَحَدِهِمَا كإنكار مجمع عَلَيْهِ إِلَّا أَنه لَا بُد فِي هَذَا مَعَ الْإِتْيَان بِالشَّهَادَتَيْنِ من الِاعْتِرَاف بِمَا أنكرهُ أَو التبري من كل دين يُخَالف دين الْإِسْلَام وَفِي قَول يُمْهل بِسَبَب الاستتابة ثَلَاثَة أَيَّام بِمَعْنى أَن كل يَوْم تعرض التَّوْبَة عَلَيْهِ فَأول يَوْم من الثَّلَاث يخوف بِالضَّرْبِ الْخَفِيف وَثَانِي يَوْم بالثقيل وَالثَّالِث بِالْقَتْلِ
(ثمَّ) إِن تَابَ بالنطق بِالشَّهَادَتَيْنِ بِشُرُوطِهِ ترك وَلَو كَانَ منافقا أَو تكَرر ذَلِك مِنْهُ لَكِن يُعَزّر إِن تكَرر وَإِلَّا (قتل) وَالْقَتْل هُنَا بِضَرْب الْعُنُق دون غَيره بِخِلَاف الْقَتْل قصاصا فَيقْتل الْقَاتِل بِمثل فعله للمناسبة وَلَا يتَوَلَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute