إِذا كَانَ لَهما نوع تَمْيِيز وبالملتزم للْأَحْكَام الْحَرْبِيّ وَالْمُؤمن والمعاهد وَالذِّمِّيّ لعدم التزامهم وبالمختار المصبوب فِي حلقه قهرا وَالْمكْره على شربه فَلَا حد وَلَا حُرْمَة وَخرج بالعالم بِالتَّحْرِيمِ من جهل الْحُرْمَة وَكَانَ مَعْذُورًا فَلَا حد وَلَا يلْزمه قَضَاء الصَّلَوَات الْفَائِتَة مُدَّة السكر وَلَو قَالَ السَّكْرَان بعد الاصحاء كنت مكْرها أَو لم أعلم أَن الَّذِي شربته مُسكر صدق بِيَمِينِهِ وَلَو قرب إِسْلَامه فَقَالَ جهلت تَحْرِيمهَا لم يحد لِأَنَّهُ قد يخفى عَلَيْهِ ذَلِك وَالْحَد يدْرَأ بِالشُّبُهَاتِ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين من نَشأ فِي بِلَاد الْإِسْلَام أم لَا وَخرج بالشرب الحقنة بِالْخمرِ بِأَن أدخلها فِي دبره والسعوط بِأَن أدخلها فِي أَنفه فَلَا حد بذلك وَيحرم لِأَنَّهُ تلطخ بِالنَّجَاسَةِ بِلَا ضَرُورَة وَخرج بِالْخمرِ مَا حرم من الجامدات غير الْخمر المنعقدة فَلَا حد فِيهَا وَإِن أذيبت حرمت وأسكرت وَذَلِكَ ككثير البنج والزعفران والعنبر والحوزة والأفيون والحشيش الَّذِي يَأْكُلهُ الأراذل فَأكل الْكثير مِنْهَا حرَام دون الْقَلِيل وَالْمرَاد بالكثير من ذَلِك مَا يغيب الْعقل بِالنّظرِ لغالب النَّاس وَإِن لم يُؤثر فِي المتناول لَهُ لاعتياد تنَاوله وَخرج بِغَيْر ضَرُورَة مَا لَو غص بلقمة وَلم يجد غير الْخمر فأساغها بِالْخمرِ فَلَا حد عَلَيْهِ لوُجُوب شربهَا عَلَيْهِ حَيْثُ خشِي الْهَلَاك من تِلْكَ اللُّقْمَة إِن لم تنزل جَوْفه وَلم يتَمَكَّن من إخْرَاجهَا ولومات بِشرب الْخمر حِينَئِذٍ مَاتَ شَهِيدا لوُجُوب تنَاوله لَهَا حِينَئِذٍ أما لَو وجد غَيرهَا وَلَو بَوْل الْكَلْب مثلا حرم إساغة اللُّقْمَة بِالْخمرِ وَوَجَب حَده وَلَا يحد بِشرب السكر فِيمَا اسْتهْلك فِيهِ وَلم يبْق لَهُ طعم وَلَا لون وَلَا ريح وَإِلَّا حد وَحرم وَلَا بِأَكْل خبز عجن دقيقه بِهِ وَلَا بِأَكْل لحم طبخ بِهِ بِخِلَاف مرق اللَّحْم الْمَطْبُوخ بِهِ إِذا شربه أَو غمس فِيهِ أَو ثرد بِهِ فَإِنَّهُ يحد لبَقَاء عينه وَيحرم تنَاول الْخمر الصرفة لدواء إِن وجد غَيرهَا أَو لعطش وَإِن لم يجد غَيرهَا وَلَا يحد لذَلِك وَإِن وجد غَيرهَا لشُبْهَة قصد التَّدَاوِي وَمحل حُرْمَة شربهَا للعطش مَا لم تتَعَيَّن لدفع الْهَلَاك وَإِلَّا جَازَ بل وَجب وَيلْحق بِالْهَلَاكِ نخو تلف عُضْو أَو مَنْفَعَة وَيجوز سقيها للصَّغِير إِذا شم رائحتها وَخيف عَلَيْهِ إِذا لم يسق مِنْهَا مرض تحصل مَعَه مشقة وَإِن لم يخف مِنْهُ الْهَلَاك وَكَذَا لَو تعذر عَلَيْهِ افتضاض الْبكر إِلَّا بإطعامها مَا يغيب عقلهَا من بنج أَو غَيره فَيجوز ذَلِك لِأَنَّهُ وَسِيلَة إِلَى تمكن الزَّوْج من الْوُصُول إِلَى حَقه وَمحل جَوَاز وَطئهَا مَا لم يحصل لَهَا بِهِ أَذَى لَا يحْتَمل مَعَه فِي إِزَالَة الْبكارَة وَيجوز التَّدَاوِي بِصَرْف النَّجس غير صرف الْخمر
وَالْحَاصِل أَن شرب الْخمر تَارَة يَقْتَضِي الْحُرْمَة وَالْحَد وَذَلِكَ إِذا شربه عَبَثا مَعَ الْعمد وَالْعلم وَالِاخْتِيَار وَتارَة يَقْتَضِي الْحُرْمَة دون الْحَد إِذا شربه لعطش أَو تداو وَلم ينْتَه بِهِ الْأَمر للهلاك وَكَذَا لَو شربهَا الْكَافِر فَإِنَّهُ يحرم عَلَيْهِ وَلَا يحد لِأَنَّهُ مُكَلّف بِفُرُوع الشَّرِيعَة لَكِن الذِّمِّيّ لَا يلْتَزم بِالذِّمةِ إِلَّا مَا يتَعَلَّق بالذميين وَتارَة لَا يَقْتَضِي حُرْمَة وَلَا حدا إِذا غض بلقمة أَو انْتهى بِهِ الْعَطش للهلاك وَلم يجد غَيره فيهمَا وَإِن كَانَ ذَلِك الْغَيْر بولا من مغلظ وَإِذا سكر بِمَا شربه لتداو أَو عَطش أَو إساغة قضى مَا فَاتَهُ من الصَّلَوَات لِأَنَّهُ تعمد الشّرْب لمصْلحَة نَفسه بِخِلَاف الْجَاهِل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute