للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَعضهم أَنه حبس حَتَّى يَتُوب وَعَن بعض آخر حبس حَتَّى تظهر تَوْبَته وَيجب على السَّارِق مَعَ الْحَد الْمَذْكُور رد الْمَسْرُوق إِلَى صَاحبه إِن بقى وَإِلَّا فبدله من مثل أَو قيمَة لِأَن الْحَد حَقه تَعَالَى وَالْغُرْم حق الْآدَمِيّ فَلَا يسْقط أَحدهمَا الآخر وَتجب أَيْضا أجرته مُدَّة وضع يَد السَّارِق عَلَيْهِ

(وَتثبت) أَي السّرقَة وقطعها (برجلَيْن) كَسَائِر الْعُقُوبَات غير الزِّنَا فَلَو شهد رجل وَامْرَأَتَانِ أَو رجل وَحلف الْمَالِك يَمِينا فَلَا قطع وَثَبت المَال إِن كَانَت الشَّهَادَة بعد دَعْوَى الْمَالِك أَو وَكيله وَإِلَّا لم يثبت المَال أَيْضا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ شَهَادَة حسبَة وَالْمَال لَا يثبت بهَا (وَإِقْرَار) من السَّارِق فَيقطع مُؤَاخذَة لَهُ بقوله وَلَا يشْتَرط تكَرر الْإِقْرَار وَثُبُوت الْقطع بِالْإِقْرَارِ بِشَرْطَيْنِ الأول أَن يكون بعد الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَو أقرّ قبلهَا لم يثبت الْقطع فِي الْحَال بل يُوقف على حُضُور الْمَالِك وَطَلَبه لِلْمَالِ أما المَال فَيثبت

وَالثَّانِي أَن يفصل الْإِقْرَار وَلَو كَانَ فَقِيها مُوَافقا كَمَا فِي الشَّهَادَة فيبين السّرقَة والمسروق مِنْهُ خوفًا من أَن يكون أصلا أَو فرعا أَو سيدا وَقدر الْمَسْرُوق وَيبين الْحِرْز بِتَعْيِين أَو وصف

(و) تثبت السّرقَة (بِيَمِين رد) من الْمُدعى عَلَيْهِ على الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَذَلِكَ كَأَن يَدعِي على شخص سَرقَة نِصَاب فينكل ذَلِك الشَّخْص عَن الْيَمين فَترد على الْمُدَّعِي فَيحلف فَيثبت الْقطع وَالْمُعْتَمد عِنْد أَكثر الْعلمَاء لَا قطع كَمَا لَا يثبت بهَا حد الزِّنَا لِأَن الْقطع حق الله تَعَالَى وَهُوَ لَا يثبت بهَا وَلِأَنَّهَا وَإِن كَانَ كَالْإِقْرَارِ إِلَّا أَن استمراره على الْإِنْكَار بِمَنْزِلَة رُجُوعه عَن الْإِقْرَار ورجوعه عَنهُ مَقْبُول بِالنِّسْبَةِ للْقطع وَأما المَال فَيثبت بِلَا خلاف

وَالْحَاصِل أَن الْيَمين الْمَرْدُودَة لَا يثبت بهَا الْقطع وَيثبت بهَا المَال

(وَقبل رُجُوع مقرّ) عَن إِقْرَاره بِالسَّرقَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقطع وَلَو فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى أما المَال فَلَا يقبل رُجُوعه فِيهِ لِأَنَّهُ حق آدَمِيّ وَلَو أقرّ بِالسَّرقَةِ ثمَّ رَجَعَ ثمَّ كذب رُجُوعه فَلَا يقطع كَمَا قَالَه الدَّمِيرِيّ وَلَو أقرّ بهَا ثمَّ أُقِيمَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة ثمَّ رَجَعَ سقط عَنهُ الْقطع لِأَن الثُّبُوت كَانَ بِالْإِقْرَارِ

(وَمن أقرّ بعقوبة لله) أَي بمقتضيها كَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر (فلقاض تَعْرِيض) لَهُ (بِرُجُوع) عَمَّا أقرّ بِهِ وبإنكاره أَيْضا إِذا لم يكن بَيِّنَة مَا لم يخْش أَن ذَلِك يحملهُ على إِنْكَار المَال أَيْضا كَأَن يَقُول لَهُ فِي الزِّنَا لَعَلَّك اخذت أَو لمست أَو باشرت

وَفِي السّرقَة لَعَلَّك أخذت من غير حرز

وَفِي الشّرْب لَعَلَّك لم تعلم أَن مَا شربته مُسكر فَلَا يُصَرح بذلك كَأَن يَقُول لَهُ ارْجع عَن الْإِقْرَار أَو اجحده فيأثم بِهِ لِأَنَّهُ أَمر بِالْكَذِبِ أَي يُبَاح للْقَاضِي تَعْرِيض إِذا كَانَ بعد الْإِقْرَار وَينْدب لَهُ ذَلِك إِذا كَانَ قبله وَكَذَا لَهُ أَن يعرض للشُّهُود ليمتنعوا من الشَّهَادَة أَو يراجعوا عَنْهَا وَمثل القَاضِي غَيره بل أولى من القَاضِي بِالْجَوَازِ لِامْتِنَاع التَّلْقِين على الْحَاكِم دون غَيره فَلَا يمْتَنع إِذا لم يحمل على إِنْكَار المَال وَلَا يجوز التَّعْرِيض إِذا ثَبت ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يحل التَّعْرِيض بِالرُّجُوعِ عَن حق الْآدَمِيّ وَإِن كَانَ رُجُوعه لَا يقبل لِأَن فِي ذَلِك حملا على محرم إِذْ هُوَ كمتعاطي العقد الْفَاسِد

<<  <   >  >>