للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْقَضَاء - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فصل الْخُصُومَة بَين خصمين فَأكْثر بِحكم الله تَعَالَى وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} ٥ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٩ وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر وَإِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَهَذَا فِي حَاكم عَالم مُجْتَهد أهل للْحكم إِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ بِاجْتِهَادِهِ وإصابته وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر بِاجْتِهَادِهِ فِي طلب الْحق

أما من لَيْسَ بِأَهْل للْحكم فَلَا يحل لَهُ أَن يحكم وَإِن حكم فَلَا أجر لَهُ بل هُوَ آثم فَلَا ينفذ حكمه سَوَاء أوافق الْحق أم لَا هَذَا إِذا كَانَ عدم أَهْلِيَّته بِسَبَب عدم معرفَة الْأَحْكَام فَصَارَت أَحْكَامه كلهَا مَرْدُودَة لِأَن إِصَابَته اتفاقية لَيست صادرة عَن دَلِيل شَرْعِي أما إِذا كَانَ عدم الْأَهْلِيَّة بِسَبَب آخر وَكَانَ فِيهِ طرف من معرفَة الْأَحْكَام فَينفذ حكمه إِذا وَافق الْحق وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُضَاة ثَلَاثَة قاضيان فِي النَّار وقاض فِي الْجنَّة فَأَما الَّذِي فِي الْجنَّة فَرجل عرف الْحق وَقضى بِهِ واللذان فِي النَّار رجل عرف الْحق فجار فِي الحكم وَرجل قضى للنَّاس على جهل فَأطلق الحَدِيث بِأَن من قضى على جهل فَهُوَ فِي النَّار وَلم يفصل بَين مصادفته للحق وَعدمهَا وَالَّذِي يستفيده القَاضِي بِالْولَايَةِ إِظْهَار حكم الشَّرْع وإمضاؤه فِيمَا يرفع إِلَيْهِ بِخِلَاف الْمُفْتِي فَإِنَّهُ مظهر لَا ممض وَمن ثمَّ كَانَ الْقيام بِحقِّهِ أفضل من الافتاء لِأَن فِيهِ الْفتيا وَزِيَادَة تَنْفِيذ الحكم وَهُوَ أَيْضا أفضل من الْجِهَاد

(هُوَ) أَي تولي الْقَضَاء (فرض كِفَايَة) بل هُوَ أَعلَى فروض الكفايات

وَالْحَاصِل أَن تولي الْقَضَاء تطرأ عَلَيْهِ الْأَحْكَام غير الْإِبَاحَة فَيجب إِذا تعين عَلَيْهِ فِي وَطنه وَمَا حواليه إِلَى مَسَافَة الْعَدْوى دون مَا زَاد وَيجب قبُوله وَطَلَبه وَلَو ببذل مَال زَائِد على مَا يَكْفِيهِ يَوْمه وَلَيْلَته وَإِن حرم أَخذه مِنْهُ فالإعطاء جَائِز وَالْأَخْذ حرَام وَينْدب إِن لم يتَعَيَّن وَكَانَ أفضل من غَيره فَيسنّ لَهُ حِينَئِذٍ طلبه وقبوله وَيكرهُ إِن كَانَ مفضولا وَلم يمْتَنع الْأَفْضَل وَيحرم بعزل صَالح للْقَضَاء وَلَو مفضولا وَتبطل عَدَالَة الطَّالِب ببذل مَال لعزل ذَلِك القَاضِي فَلَا تصح تَوليته والمعزول بِهِ على قَضَائِهِ حَيْثُ لَا ضَرُورَة لِأَن الْعَزْل بالرشوة حرَام وتولية المرتشى للراشي حرَام

قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْتعْمل عَاملا على الْمُسلمين وَهُوَ يعلم أَن غَيره أفضل مِنْهُ فقد خَان الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم وَدخل فِي ذَلِك كل من تولى أمرا من أُمُور الْمُسلمين وَإِن لم يكن ذَلِك شَرْعِيًّا كنصب مَشَايِخ الْأَسْوَاق والبلدان وَنَحْوهمَا أما تَوْلِيَة الإِمَام الْأَعْظَم لأحد الصَّالِحين للْقَضَاء فَفرض عين عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مشتغل بِمَا هُوَ أهم من الْقَضَاء فَوَجَبَ من يقوم بِهِ فَإِن امْتنع الصالحون لَهُ أثموا وأجبر الإِمَام أحدهم وَكَذَا يجب تَوْلِيَة صَالح على قَاضِي الإقليم فِيمَا عجز

<<  <   >  >>