والمقصد الرَّابِع من مَقَاصِد الطَّهَارَة إِزَالَة النَّجَاسَة وإزالتها وَاجِبَة إِلَّا فِي النَّجَاسَة المعفو عَنْهَا وَهِي على الْفَوْر إِن عصى بهَا كَأَن تضمخ بهَا لغير حَاجَة وَمن ذَلِك التضمخ بِدَم الْأُضْحِية وَمَا يَفْعَله الْعَوام من تزويق الْأَبْوَاب بِهِ حرَام وَتجب إِزَالَته فَوْرًا فَإِن لم يعْص بهَا فَهِيَ على التَّرَاخِي إِلَّا عِنْد إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة أَو نَحْوهَا مِمَّا تشْتَرط لَهُ إِزَالَة النَّجَاسَة أَو عِنْد خوف الانتشار وَينْدب أَن يعجل بإزالتها فِيمَا عدا ذَلِك سَوَاء فِيمَا ذكر الْمُغَلَّظَة وَغَيرهَا على الْمُعْتَمد وَخرج بِغَيْر حَاجَة مَا إِذا كَانَ التضمخ بهَا لحَاجَة كَأَن بَال وَلم يجد شَيْئا ينشف بِهِ فَلهُ تنشيف ذكره بِيَدِهِ حَتَّى يجد المَاء وَكَذَا نزح بيُوت الأخلية وَنَحْوهَا مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ
وَاعْلَم أَن الفضلات قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَسْتَحِيل إِلَى صَلَاح كالمني وَاللَّبن من الْحَيَوَان الْمَأْكُول وَمن الْآدَمِيّ فطاهر وَلَو على لون الدَّم
وَمِنْهَا مَا يَسْتَحِيل إِلَى فَسَاد كالبول وَالْغَائِط وَالدَّم فنجس وَيسْتَثْنى من ذَلِك فضلات نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَا فضلات سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام
ثمَّ النَّجَاسَة على ثَلَاثَة أَقسَام مُخَفّفَة
ومتوسطة
ومغلظة فالمخففة بَوْل الصَّبِي الَّذِي لم يبلغ الْحَوْلَيْنِ وَلم يَأْكُل غير اللَّبن على جِهَة التغذي بِأَن لم يَأْكُل غير اللَّبن أصلا أَو أكل غير اللَّبن على وَجه التَّدَاوِي مثلا فَهَذَا الْقسم يطهر مصابه برش المَاء عَلَيْهِ بِأَن يغمر بِالْمَاءِ بِغَيْر سيلان بِشَرْطَيْنِ زَوَال عين النَّجَاسَة قبل رشه بِحَيْثُ لَا يبْقى فِيهِ رُطُوبَة تنفصل وَأَن لَا يخْتَلط الْبَوْل بِغَيْرِهِ وَإِلَّا تعين الْغسْل والمغلظة وَهِي نَجَاسَة الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَفرع أَحدهمَا مَعَ الآخر أَو مَعَ حَيَوَان طَاهِر يغسل مصابها سبع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ مصحوبة بِالتُّرَابِ الطّهُور الَّذِي يُعَكر المَاء ويعم مَحل النَّجَاسَة وَالْأَفْضَل أَن يكون التُّرَاب مصاحبا للغسلة الأولى وَتقدم أَن التُّرَاب يَشْمَل الأعفر والأصفر كالطفل والأحمر والأبيض وَنَحْو ذَلِك وَلَو كَانَ مختلطا بدقيق أَو نَحوه بِخِلَاف مَا تقدم فِي التَّيَمُّم وَلَو لم تزل عين النَّجَاسَة إِلَّا بست غسلات مثلا حسبت وَاحِدَة وَلَو أصَاب بعض مَا غسله من الغسلات شَيْئا وَجب غسله بِعَدَد مَا بَقِي من الغسلات بعد هَذِه الغسلة الَّتِي أَصَابَهُ مَاؤُهَا فَإِن كَانَت الأولى غسل سِتا وَإِن كَانَت الثَّانِيَة غسل خمْسا وَهَكَذَا فَإِن كَانَ ترب فِيهَا أَو فِيمَا قبلهَا فَلَا يحْتَاج إِلَى تتريب الْمُصَاب وَإِلَّا تربه وَلَو اجْتمع مَاء الغسلات فِي إِنَاء مثلا ثمَّ أصَاب شَيْئا غسل سِتا مَعَ التتريب إِن لم يكن ترب فِي الأول فَإِن كَانَ ترب فِي الأول لم يحْتَج إِلَى تتريب الْمُصَاب وَلَو دخل نَحْو كلب حَماما وانتشرت النَّجَاسَة فِي أرضه وحصره وفوطه واستمرت النَّاس على دُخُوله والاغتسال فِيهِ مُدَّة طَوِيلَة فَمَا تَيَقّن إِصَابَته بِالنَّجَاسَةِ من ذَلِك فنجس وَإِلَّا فطاهر لأَنا لَا ننجس بِالشَّكِّ وَحَيْثُ مَضَت عَلَيْهِ هَذِه الْمدَّة وَاحْتمل مُرُور المَاء عَلَيْهِ سبع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِتُرَاب وَلَو طفْلا صَار لَا ينجس دَاخله لأَنا لَا ننجس بِالشَّكِّ كَمَا تقدم
وَأما هُوَ فِي ذَاته فَهُوَ مُتَنَجّس حَتَّى يتَيَقَّن طهره فَهُوَ كفم الْهِرَّة إِذا رأيناها وَضعته فِي نَجَاسَة ثمَّ غَابَتْ غيبَة يحْتَمل فِيهَا وُرُودهَا مَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute