الْمَذْكُورين لَكِن لَو اقْتصر على وَاحِد مِنْهُمَا فَلَا سُجُود
(وجهر بِهِ) أَي الْقُنُوت (إِمَام) اسْتِحْبَابا فِي الجهرية والسرية كَأَن قضى صبحا أَو وترا بعد طُلُوع الشَّمْس (وَأمن مَأْمُوم) للدُّعَاء جَهرا إِذا جهر إِمَامه و (سمع) أَي الْمَأْمُوم قنوت الإِمَام وَمن الدُّعَاء الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا طلب من الإِمَام الْجَهْر بِالْقُنُوتِ فِي السّريَّة مَعَ أَنَّهَا لَيست مَحل الْجَهْر لِأَن الْمَقْصُود من الْقُنُوت الدُّعَاء وتأمين الْقَوْم عَلَيْهِ فَطلب الْجَهْر ليسمعوا فيؤمنوا وَلَا يُؤمن الْمَأْمُوم للثناء بل يسن أَن يَقُول ثَنَاء سرا وَهُوَ من فَإنَّك تقضي إِلَى آخِره أَو يستمع لَهُ لِأَنَّهُ ثَنَاء وَذكر لَا يَلِيق بِهِ التَّأْمِين والمشاركة أولى
(وَكره لإِمَام تَخْصِيص نَفسه بِدُعَاء) وَإِنَّمَا يسن لَهُ أَن يَأْتِي بضمير الْمُتَكَلّم وَمَعَهُ غَيره بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ اهدنا إِلَى آخِره لِأَنَّهُ يَقُول عَن نَفسه وَعَن الْمَأْمُومين فَلَو خص الإِمَام نَفسه بِالْقُنُوتِ بِأَن لَا يَأْتِي بِلَفْظ الْجمع سنّ للْمَأْمُوم التَّأْمِين لِأَنَّهُ الْوَارِد لَا الْقُنُوت كَمَا قَالَه الشبراملسي
وَيسن رفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت كَسَائِر الْأَدْعِيَة
وَالْأولَى عدم مسح وَجهه بهما
(و) سابعها (سُجُود مرَّتَيْنِ) فِي كل رَكْعَة
وَإِنَّمَا شرع تكْرَار السُّجُود دون غَيره لِأَنَّهُ أبلغ فِي التَّوَاضُع
وَلِأَنَّهُ لما عرج بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّمَاء فَمن كَانَ من الْمَلَائِكَة قَائِما سلمُوا عَلَيْهِ قيَاما ثمَّ ركعوا شكرا لله تَعَالَى على رُؤْيَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن كَانَ مِنْهُم رَاكِعا رفعوا رؤوسهم من الرُّكُوع وسلموا عَلَيْهِ ثمَّ سجدوا شكرا لله تَعَالَى على رُؤْيَته
وَمن كَانَ مِنْهُم سَاجِدا رفعوا رؤوسهم من السُّجُود وسلموا عَلَيْهِ ثمَّ سجدوا ثَانِيَة شكرا لله تَعَالَى على رُؤْيَته فَلذَلِك صَار السُّجُود مثنى مثنى فَلم يرد الله أَن يكون للْمَلَائكَة حَال إِلَّا وَجعل لهَذِهِ الْأمة حَالا هُوَ مثل حَالهم وَلِأَن فِي تكْرَار السُّجُود إِشَارَة إِلَى أَنه خلق من الأَرْض وَسَيَعُودُ إِلَيْهَا
وَحَقِيقَة السُّجُود شرعا وضع الْأَعْضَاء السَّبْعَة فَوق مَا يصلى عَلَيْهِ من أَرض أَو غَيرهَا
والأعضاء السَّبْعَة هِيَ الْجَبْهَة وَالرُّكْبَتَانِ وباطن الْيَدَيْنِ وبطون أَصَابِع الرجلَيْن
وَيَكْفِي وضع بعض كل عُضْو من ذَلِك
وشروطه سِتَّة أَن لَا يقْصد بِهِ غَيره فَقَط
وَهَذَا الشَّرْط عَام فِي جَمِيع الْأَركان ويعبر عَنهُ بِعَدَمِ الصَّارِف
وَأَن تَسْتَقِر أعضاؤه السَّبْعَة كلهَا فِي آن وَاحِد فَلَو وضع بَعْضهَا ثمَّ رَفعه وَوضع الْبَعْض الآخر لم يكف
وَأَن يكون السُّجُود (على غير مَحْمُول وَإِن تحرّك) أَي ذَلِك الْغَيْر (بحركته) فَلَا يَصح السُّجُود على طرف كمه الطَّوِيل إِن تحرّك بحركته لِأَنَّهُ مَحْمُول لَهُ بِخِلَاف مَا إِذا لم يَتَحَرَّك بحركته فَإِنَّهُ كالمنفصل وَبِخِلَاف مَا لَو سجد على نَحْو سَرِير يَتَحَرَّك بحركته فَيصح لِأَنَّهُ غير مَحْمُول لَهُ وَالْمرَاد بالمحمول مُتَّصِل بِهِ يَتَحَرَّك بحركته وَخرج بذلك مَا هُوَ فِي حكم الْمُنْفَصِل عَنهُ عرفا كعود أَو منديل بِيَدِهِ فَلَا يضر السُّجُود عَلَيْهِ
ويضر السُّجُود على عمَامَته أَو عرقيته أَو نَحْوهمَا
وَلَو كَانَ بِمحل سُجُوده تُرَاب أَو ورقة أَو نَحْو ذَلِك فالتصق بجبهته وَصَارَ حَائِلا فَلَا يَصح السُّجُود الثَّانِي حَتَّى ينحيه
وَلَو صلى قَاعِدا وَسجد على مُتَّصِل بِهِ لَا يَتَحَرَّك بحركته إِلَّا إِذا صلى قَائِما لم يجزه السُّجُود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كالجزء مِنْهُ
كَذَا