زمن الْحيض وَالنّفاس فِيهَا فَلَا تقضي فِي ذَلِك (مُكَلّف) أَي بَالغ عَاقل سليم الْحَواس بلغته الدعْوَة فَلَا تجب على صبي وَلَا على مَجْنُون لم يَتَعَدَّ بِسَبَب جُنُونه كمن وثب وثبة لم يرد بهَا زَوَال عقله وَلَا على سَكرَان بِغَيْر مؤثم لعدم تكليفهم
لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث عَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَعَن الصَّبِي حَتَّى يكبر وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يعقل أَو يفِيق
رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم
وَمن نَشأ بشاهق جبل وَلم تبلغه دَعْوَة الْإِسْلَام غير مُكَلّف بِشَيْء وَكَذَا من خلق أعمى أَصمّ فَإِنَّهُ غير مُكَلّف بِشَيْء إِذْ لَا طَرِيق لَهُ إِلَى الْعلم بذلك وَلَو كَانَ ناطقا لِأَن النُّطْق بِمُجَرَّدِهِ لَا يكون طَرِيقا لمعْرِفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بِخِلَاف من طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِك بعد الْمعرفَة فَإِنَّهُ مُكَلّف وَلَو أسلم من لم تبلغه الدعْوَة وَجب عَلَيْهِ الْقَضَاء لِأَنَّهُ منزل منزلَة مُسلم نَشأ بَعيدا عَن الْعلمَاء بِخِلَاف من خلق أعمى أَصمّ فَإِنَّهُ إِن زَالَ مانعه لَا قَضَاء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّة الْخطاب (طَاهِر) من الْحيض وَالنّفاس فَلَا تجب على حَائِض ونفساء لعدم صِحَّتهَا مِنْهُمَا فَمن توفرت فِيهِ هَذِه الشُّرُوط وَجَبت عَلَيْهِ الصَّلَاة إِجْمَاعًا
(وَيقتل) أَي من ذكر بِضَرْب عُنُقه بِالسَّيْفِ لَا بِغَيْر ذَلِك (إِن أخرجهَا) أَي الصَّلَاة وَلَو صَلَاة وَاحِدَة فَقَط (عَن وَقت جمع) لَهَا إِن كَانَ فَلَا يقتل بترك الظّهْر كالعصر حَتَّى تغرب الشَّمْس وَلَا بترك الْمغرب كالعشاء حَتَّى يطلع الْفجْر لِأَن وَقت الْجمع وَقت الصَّلَاة فِي الْعذر فَكَانَ شُبْهَة فِي الْقَتْل وَيقتل بترك الصُّبْح بعد طُلُوع الشَّمْس
أما الْجُمُعَة فَيقْتل بهَا إِذا ضَاقَ الْوَقْت عَن أقل مُمكن من الْخطْبَة وَالصَّلَاة وَإِن قَالَ أصليها ظهرا لِأَن الظّهْر لَيْسَ بَدَلا عَنْهَا (كسلا) أَو تهاونا مَعَ اعْتِقَاده وُجُوبهَا (إِن لم يتب) أَي إِن لم يفعل الصَّلَاة بعد مُطَالبَة الإِمَام أَو نَائِبه بأدائها وتوعده بِالْقَتْلِ فَلَا يُفِيد طلب غَيره وتوعده ثُبُوت الْقَتْل لِأَنَّهُ لَيْسَ من منصبه فَيُطَالب ندبا الإِمَام أَو نَائِبه فِي الْحَال بأدائها إِذا ضَاقَ وَقتهَا عَن فعلهَا بِأَن بَقِي من الْوَقْت زمن يسع مِقْدَار الْفَرِيضَة وَالطَّهَارَة ويتوعده بِالْقَتْلِ إِن أخرجهَا عَن الْوَقْت فَيَقُول لَهُ صل فَإِن صليت تركناك وَإِن أخرجتها عَن الْوَقْت قتلناك
وَعلم من ذَلِك أَن الْوَقْت وقتان وَقت أَمر وَوقت قتل فَلَا يقتل عِنْد ضيق الْوَقْت بِحَيْثُ يتَحَقَّق فَوتهَا
ثمَّ الْقَتْل بعد خُرُوج الْوَقْت لَيْسَ لمُطلق كَونهَا قَضَاء إِذْ لَا قتل بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ للترك بِلَا عذر مَعَ الطّلب مِنْهُ فِي الْوَقْت وامتناعه من الْفِعْل بعده وَإِن لم يُصَرح بقوله لَا أفعل كَمَا فِي فتح الْجواد
وَحكمه بعد قَتله حكم بَاقِي الْمُسلمين فِي وجوب الدّفن وَالْغسْل والتكفين وَالصَّلَاة عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِمَّن قتل حدا من الْمُسلمين وَلَو زعم زاعم أَن بَينه وَبَين الله حَالَة أسقطت عَنهُ الصَّلَاة وَأحلت لَهُ شرب الْخمر كَمَا زَعمه بعض الصُّوفِيَّة فَلَا شكّ فِي وجوب قَتله وَإِن كَانَ فِي خلوده فِي النَّار نظر وَقتل مثله أفضل من قتل مائَة كَافِر لِأَن ضَرَره أَكثر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute