الْبَاب الثَّالِث فِي الْأَشْرِبَة
الْخمر حرَام قليلها وكثيرها إِجْمَاعًا أَعنِي عصير الْعِنَب إِذا أسكر فَإِن لم يسكر فَهُوَ حَلَال إِجْمَاعًا وَأما سَائِر الْأَشْرِبَة المسكرة كالمتخذة من الزَّبِيب وَالتَّمْر وَالْعَسَل والقمح وَالشعِير وَغير ذَلِك فَهِيَ كَالْخمرِ عِنْد الْإِمَامَيْنِ وَابْن حَنْبَل وَقَالَ قوم إِنَّمَا يحرم مِنْهَا الْكثير الَّذِي يسكر لَا الْقَلِيل وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمُتَّخذ من غير النّخل وَالْكَرم لَا يحرم أسكر أَو لم يسكر والمتخذ من التَّمْر وَالزَّبِيب يحرم مِنْهُمَا مَا أسكر لَا الْقَلِيل فروع عشرَة (الْفَرْع الأول) الْمُعْتَبر فِي عصير الْعِنَب الْإِسْكَار وَلَا يعْتَبر فِيهِ هَل طبخ أَو لم يطْبخ وَقيل إِن طبخ حَتَّى بَقِي ثلثه فَلَا بَأْس بِهِ لذهاب الْإِسْكَار (الْفَرْع الثَّانِي) الإنتباذ جَائِز إِلَّا فِي الدُّبَّاء والمزفت فَيكْرَه وَقيل أَيْضا يكره الإنتباذ فِي الحنثم وَهُوَ الفخار وَفِي النقير من الْخشب وَأَجَازَهُ أَبُو حنيفَة فِي جَمِيع الْأَوَانِي (الْفَرْع الثَّالِث) يكره انتباذ الخليطين وشربهما كالتمر وَالزَّبِيب وَإِن لم يسكر وَحرم قوم الخليطين وأباحها قوم مَا لم يسكر (الْفَرْع الرَّابِع) لَا يحل لمُسلم أَن يتَمَلَّك الْخمر وَلَا شَيْئا من الْمُسكر فَمن وجدت عِنْده أريقت عَلَيْهِ وَاخْتلف فِي ظروفها فَقيل يكسر جَمِيعهَا وتشق وَقيل يكسر ويشق مِنْهَا مَا أفسدته الْخمر وَلَا ينْتَفع بِهِ دون مَا ينْتَفع بِهِ إِذا زَالَت مِنْهُ الرَّائِحَة وَقيل أما الزقاق فَلَا ينْتَفع بهَا وَأما القلال فيطبخ فِيهَا المَاء مرَّتَيْنِ وتغسل وَينْتَفع بهَا (الْفَرْع الْخَامِس) لَا يحل لمُسلم أَن يُؤَاجر نَفسه وَلَا غُلَامه وَلَا دَابَّته وَلَا دَاره فِي عمل الْخمر خلافًا لأبي حنيفَة (الْفَرْع السَّادِس) لَا يحل لمُسلم بيع الْخمر إِلَى مُسلم وَلَا كَافِر وَلَا بيع الْعِنَب لمن يعْمل مِنْهُ الْخمر فَإِن عثر على الْخمر الْمَبِيعَة كسرت وَنقض البيع وَإِن كَانَ المُشْتَرِي لم يدْفع الثّمن سقط عَنهُ وَإِن كَانَ قد دَفعه رد إِلَيْهِ وَقيل يتَصَدَّق بِهِ وَإِن أسلم الْكَافِر وَعِنْده خمر أراقها وَإِن أسلم وَعِنْده ثمن خمر فَلَا بَأْس بِهِ (الْفَرْع السَّابِع) إِذا تخللت الْخمر من ذَاتهَا صَارَت حَلَالا طَاهِرَة اتِّفَاقًا وَأما تخليلها بمعالجة فَفِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال الْمَنْع وفَاقا لَهما وَالْجَوَاز على كَرَاهَة وَالْفرق بَين أَن يتخذها خمرًا فَلَا يجوز تخليلها أَو يتخمر عِنْده عصير لم يرد بِهِ الْخمر فَيجوز تخليله وَفِي جَوَاز أكلهَا على القَوْل بِالْمَنْعِ ثَلَاثَة أَقْوَال (الْفَرْع الثَّامِن) فِي الْمُدَوَّنَة سُئِلَ مَالك عَن الْخمر تجْعَل فِيهَا الْحيتَان فَتَصِير مربى فَقَالَ لَا أرى ذَلِك وَكَرِهَهُ وَقَالَ حبيب هُوَ حرَام وَإِن أسكر فَهُوَ حرَام بِاتِّفَاق (الْفَرْع التَّاسِع) قَالَ الْقَرَافِيّ المرقدات تغيب الْعقل وَلَا يحد شاربها وَيحل قليلها إِجْمَاعًا وَلَا ينجس قليلها وَلَا كثيرها لِأَنَّهَا غير مسكرة فَإِن الْمُسكر هُوَ المطرب (الْفَرْع الْعَاشِر) يجوز أكل لبن الآدميات إِذا جمع فِي إِنَاء كَسَائِر الألبان وَحرمه أَبُو حنيفَة وَمنع بَيْعه لِأَنَّهُ جُزْء آدَمِيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute