= الْكتاب الثَّامِن فِي الهبات والأحباس وَمَا شاكلها = وَفِيه خَمْسَة أَبْوَاب
الْبَاب الأول فِي الْهِبَة وَفِيه ثَلَاثَة فُصُول
(الْفَصْل الأول) فِي أَرْكَانهَا وَهِي أَرْبَعَة الْوَاهِب والموهوب لَهُ والموهوب والصيغة فَأَما الْوَاهِب فالمالك إِذا كَانَ صَحِيحا مَالِكًا أَمر نَفسه فَإِن وهب الْمَرِيض ثمَّ مَاتَ كَانَت هِبته فِي ثلثه عِنْد الْجُمْهُور وَإِن صَحَّ صحت الْهِبَة وَيجْرِي مجْرى الْمَرِيض كل مَا يخَاف مِنْهُ الْمَوْت كالكون بَين الصفين وَقرب الْحَامِل من الْوَضع وراكب الْبَحْر المرتج وَفِيه خلاف وَأما الْمَوْهُوب لَهُ فَهُوَ كل إِنْسَان وَيجوز وَيجوز أَن يهب الْإِنْسَان مَاله كُله لأَجْنَبِيّ اتِّفَاقًا وَأما هبة جَمِيع مَاله لبَعض وَلَده دون بعض أَو تَفْضِيل بَعضهم على بعض فِي الْهِبَة فمكروه عِنْد الْجُمْهُور وَإِن وَقع جَازَ وَرُوِيَ عَن مَالك الْمَنْع وفَاقا للظاهرية وَالْعدْل هُوَ التَّسْوِيَة بَينهم وَقَالَ ابْن حَنْبَل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأما الْمَوْهُوب فَكل مَمْلُوك وَتجوز هبة مَا لَا يَصح بَيْعه كَالْعَبْدِ الْآبِق وَالْبَعِير الشارد والمجهول وَالثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا وَالْمَغْصُوب خلافًا للشَّافِعِيّ وَتجوز هبة الْمشَاع خلافًا لأبي حنيفَة وَتجوز هبة الْمَرْهُون بِقَيْد الْملك وَيجْبر الْوَاهِب على افتكاكه لَهُ وَمنعه الشَّافِعِي وَتجوز هبة الدّين خلافًا للشَّافِعِيّ وَأما الصِّيغَة فَكل مَا يَقْتَضِي الْإِيجَاب وَالْقَبُول من قَول أَو فعل كَلَفْظِ الْهَدِيَّة والعطية والنحلة وَشبه ذَلِك (الْفَصْل الثَّانِي) فِي أَنْوَاع الهبات وَهِي على قسمَيْنِ هبة رَقَبَة وَهبة مَنْفَعَة فهبة الْمَنْفَعَة كالعارية والعمري وَهبة الرَّقَبَة على ثَلَاثَة أَنْوَاع (الأول) لوجه الله تَعَالَى وَتسَمى صَدَقَة فَلَا رُجُوع فِيهَا أصلا وَلَا اعتصار وَلَا يَنْبَغِي للْوَاهِب أَن يرتجعها بشرَاء وَلَا غَيره وَإِن كَانَت شَجرا فَلَا يَأْكُل من ثَمَرهَا وَإِن كَانَت دَابَّة فَلَا يركبهَا إِلَّا أَن ترجع إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ (الثَّانِي) هبة التودد والمحبة فَلَا رُجُوع فِيهَا إِلَّا فِيمَا وهبه الْوَالِد لوَلَده صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا فَلهُ أَن يعتصره وَذَلِكَ أَن يرجع فِيهِ وَإِن قَبضه الْوَلَد إِنَّمَا يجوز الإعتصار بِخَمْسَة شُرُوط وَهِي أَن لَا يتَزَوَّج الْوَلَد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute