المشاكلة للبيوع كتاب الْأَقْضِيَة والشهادات كتاب الْأَبْوَاب الْمُتَعَلّقَة بالأقضية كتاب الدِّمَاء وَالْحُدُود كتاب الهبات وَمَا يجانسها كتاب الْعتْق وَمَا يتَعَلَّق بِهِ كتاب الْفَرَائِض والوصايا (ثمَّ ختمته) بِكِتَاب الْجَامِع وَهُوَ يحتوي على عشْرين بَابا وَإِنَّمَا انحصرت الْكتب والأبواب فِي هَذَا الْعدَد لأنني ضممت كل شكل إِلَى شكله وألحقت كل فرع بِأَصْلِهِ وَرُبمَا جمعت فِي تَرْجَمَة وَاحِدَة مَا يفرقه النَّاس فِي تراجم كَثِيرَة رعيا للمقاربة والمشاكلة ورغبة فِي الإختصار وَالله الْمُسْتَعَان وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم (الْفَاتِحَة) فِيمَا يجب فِي الإعتقادات من أصُول من أصُول الديانَات ويشتمل على عشرَة أَبْوَاب خَمْسَة الإلهيات وَخَمْسَة فِي السمعيات
الْبَاب الأول فِي وجود الْبَارِي جلّ جَلَاله وَعز نواله
اعْلَم أَن الْعَالم الْعلوِي والسفلي كُله مُحدث بعد الْعَدَم شَاهد على نَفسه بالحدوث ولخالقه بالقدم وَذَلِكَ لما يَبْدُو عَلَيْهِ من تَغْيِير الصِّفَات وتعاقب الحركات والسكنات وَغير ذَلِك من الْأُمُور الطارئات وكل مُحدث فَلَا بُد لَهُ من مُحدث أوجده وخالق خلقه إِذْ لَا بُد لكل فعل من فَاعل فَجَمِيع الموجودات من الأَرْض وَالسَّمَاوَات والحيوانات والجمادات من الْجبَال والبحار والأنهار وَالْأَشْجَار وَالثِّمَار والأزهار والرياح والسحاب والأمطار وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار وكل صَغِير وكبير فِيهِ آثَار الصَّنْعَة ولطائف الْحِكْمَة وَالتَّدْبِير فَفِي كل شَيْء دَلِيل قَاطع وبرهان سَاطِع على وجود الصَّانِع وَهُوَ الله رب الْعَالمين وخالق الْخلق أَجْمَعِينَ الْملك الْحق الْمُبين الَّذِي احتجب عَن الْأَبْصَار بكبريائه وعلو شَأْنه وَظهر للبصائر بِقُوَّة سُلْطَانه ووضوح برهانه فَمَا أعظم برهَان الله وَمَا أَكثر الدَّلَائِل على الله ((أَفِي الله شكّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض)) وحسبك الْفطْرَة الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا وَمَا يُوجد فِي النُّفُوس ضَرُورَة من افتقار الْعُبُودِيَّة وَمَعْرِفَة الربوبية ((وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله))
الْبَاب الثَّانِي فِي صِفَات الله تَعَالَى عز شَأْنه وبهر سُلْطَانه
جرت عَادَة الْمُتَكَلِّمين بِإِثْبَات سبع صِفَات وَهِي الْحَيَاة وَالْقُدْرَة والإرادة وَالْعلم والسمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام (فَأَما الْحَيَاة) فَإِن الله هُوَ الأول الْقَدِيم الَّذِي لم يزل فِي أزل الْأَزَل قبل وجود الْأَزْمَان وَلم يكن مَعَه شَيْء غَيره وَهُوَ الْآن على مَا عَلَيْهِ كَانَ وَأَنه الْحَيّ الْبَاقِي ((الآخر)) الَّذِي لَا يَمُوت وكل من عَلَيْهَا فان (وَأما الْقُدْرَة) فَإِنَّهُ قدير على كل شَيْء لَا يعجزه شَيْء وَلَا يصعب عَلَيْهِ شَيْء وَبِيَدِهِ