للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَاب السَّابِع فِي المأمورات الْمُتَعَلّقَة بالقلوب

وَهِي عشرُون (الأول) الْخَوْف من الله تَعَالَى وَهُوَ اللجام القامع عَن الْمعاصِي وَسَببه معرفَة شدَّة عَذَاب الله وَيُسمى خشيَة وَرَهْبَة وتقوى وَالنَّاس فِيهِ على ثَلَاثَة مَرَاتِب فخوف الْعَامَّة من الذُّنُوب وَخَوف الْخَاصَّة من الخاتمة وَخَوف خَاصَّة الْخَاصَّة من السَّابِقَة وَالْفرق بَين الْخَوْف والحزن أَن الْخَوْف مِمَّا يسْتَقْبل والحزن على مَا تقدم وَكِلَاهُمَا يثير الْبكاء والإنكسار وَيبْعَث العَبْد على الرُّجُوع إِلَى الله تَعَالَى (الثَّانِي) الرَّجَاء وسبه معرفَة سَعَة رَحْمَة الله وَيُسمى طَمَعا ورغبة وَيَنْبَغِي أَن يكون الرَّجَاء وَالْخَوْف المعتدلين فَإِن الْخَوْف إِذا فرط قد يعود لى الْيَأْس وَهُوَ حرَام والرجاء إِذا فرط قد يعود إِلَى الْأَمْن وَهُوَ حرَام (الثَّالِث) الصَّبْر وأجره بِغَيْر حِسَاب بِخِلَاف سَائِر الْأَعْمَال فَإِن أجورها بِمِقْدَار وَهُوَ أَرْبَعَة أَنْوَاع صَبر على بلَاء الله وَهُوَ الْمَقْصُود بِالذكر وصبر على نعم الله أَن لَا يطغي بهَا وصبر على طَاعَة الله وصبر على معاصي الله (الرَّابِع) الشُّكْر وَهُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان والجوارح فَشكر اللِّسَان الثَّنَاء وشكر الْقلب معرفَة الْمِنَّة وَقدر النِّعْمَة وشكر الْجَوَارِح بِطَاعَة الْمُنعم (الْخَامِس) التَّوَكُّل وَهُوَ الِاعْتِمَاد على الله تَعَالَى فِي دفع المكاره والمخاوف وتيسير المطالب وَالْمَنَافِع وخصوصا فِي شَأْن الرزق وَسَببه ثَلَاثَة أَشْيَاء الْمعرفَة بِأَن الْأُمُور كلهَا بيد الله وَإِن الْخلق كهلم تَحت قهره وَفِي قَبضته وَإنَّهُ لَا يضيع من توكل عَلَيْهِ (السَّادِس) التَّفْوِيض إِلَى الله تَعَالَى وَهُوَ خُرُوج العَبْد عَن مُرَاد نَفسه إِلَى مَا يختاره الله لَهُ وَسَببه الْمعرفَة بِأَن اخْتِيَار الله خير من اخْتِيَار العَبْد لنَفسِهِ لِأَن الله تَعَالَى يعلم عواقب الْأُمُور وَالْعَبْد لَا يعلمهَا (السَّابِع) حسن الظَّن بِاللَّه فَإِن الله يَقُول أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَسَببه الْمعرفَة بِفضل الله وَكَرمه وسعة رَحمته (الثَّامِن) التَّسْلِيم لأمر الله تبَارك وَتَعَالَى بترك الِاعْتِرَاض ظَاهرا وَترك الْكَرَاهَة بَاطِنا (التَّاسِع) الرِّضَا بِالْقضَاءِ وَهُوَ سرُور النَّفس بِفعل الله زِيَادَة على السَّلِيم وسببها ثَلَاثَة أَشْيَاء محبَّة الله تَعَالَى فَإِن فعل المحبوب وَمَعْرِفَة حكمته فِي كل مَا يفعل وَإِن الْمَالِك يفعل فِي ملكه مَا يَشَاء (الْعَاشِر) الْإِخْلَاص لله تَعَالَى وَيُسمى نِيَّة قصدا وَهُوَ إِرَادَة وَجه الله تَعَالَى بالأقوال وَالْأَفْعَال وضده الرِّيَاء وَسَببه الْمعرفَة بِأَن الله لَا يقبل إِلَّا الْخَالِص وَإنَّهُ يطلع على النيات والضمائر كَمَا يطلع على الظَّوَاهِر (الْحَادِي عشر) المراقبة وَهِي معرفَة العَبْد باطلاع الله عَلَيْهِ على الدَّوَام فيثمر ذَلِك الْحيَاء والهيبة وَالتَّقوى (الثَّانِي عشر) الْمُشَاهدَة وَهِي وام النّظر بِالْقَلْبِ إِلَى الله تَعَالَى واستغراق فِي صِفَاته وأفعاله وَذَلِكَ مقَام الْإِحْسَان الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام الْإِحْسَان أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ ثمَّ أَشَارَ إِلَى مقَام المراقبة بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك وَبَين المقامين فرق (الثَّالِث عشر) التفكر وَهُوَ ينبوع كل حَال ومقام فَمن تفكر فِي عَظمَة

<<  <   >  >>