الضَّرَر الْمُحدث قسمَيْنِ أَحدهمَا مُتَّفق عَلَيْهِ وَالْآخر مُخْتَلف فِيهِ فالمتفق عَلَيْهِ أَنْوَاع فَمِنْهُ فتح كوَّة أَو طاق يكْشف مِنْهَا على جَاره فيؤمؤ بسدها أَو سترهَا وَمِنْه أَن يَبْنِي فِي دَاره فرنا أَو حَماما أَو كير حداد أَو صائغ مِمَّا يضر بجاره دخانه فَيمْنَع مِنْهُ إِلَّا إِن احتال فِي إِزَالَة الدُّخان وَمِنْه أَن يصرف مَاءَهُ على دَار جَاره أَو على سقفه أَو يجْرِي فِي دَاره مَاء فَيضر بحيطان جَاره وَأما الْمُخْتَلف فِيهِ فَمثل أَن يعلي بنيانا يمْنَع جَاره الضَّوْء وَالشَّمْس فَالْمَشْهُور أَنه لَا يمْنَع مِنْهُ وَقيل يمْنَع وَمِنْه أَن يَبْنِي بنيانا يمْنَع الرّيح للإنذار فَالْمَشْهُور مَنعه مِنْهُ وَمن ذَلِك أَن يَجْعَل فِي دَاره رحى يضر دويها بجاره فَاخْتلف هَل يمْنَع من ذَلِك وَأما فتح الْبَاب فِي الزقاق وَإِن كَانَ نَافِذا جَازَ لَهُ فَتحه بِغَيْر إذْنهمْ إِلَّا أَن يكْشف على دَار أحد جِيرَانه فَيمْنَع من ذَلِك وَمن بنى فِي طَرِيق الْمُسلمين أَو أضَاف إِلَى ملكه شَيْئا من الطَّرِيق منع من ذَلِك بِاتِّفَاق وَله أَن يَبْنِي غرفَة على الطَّرِيق إِذا كَانَت الْحِيطَان لَهُ من جَانِبي الطَّرِيق وَإِن كَانَ بَين شَرِيكَيْنِ نهر أَو عين أَو بِئْر فَمن أنْفق مِنْهُم فَلهُ أَن يمْنَع شَرِيكه من الإنتفاع حَتَّى يُعْطِيهِ قسطه من النَّفَقَة
الْبَاب السَّادِس عشر فِي اللّقطَة واللقيط وَفِيه ثَمَان مسَائِل
(الْمَسْأَلَة الأولى) فِي حكم الإلتقاط وَلَيْسَ بِوَاجِب وَهُوَ مُسْتَحبّ وَقيل مَكْرُوه وَيجب إِن كَانَت اللّقطَة بَين قوم غير مأمونين وَقيل يسْتَحبّ إِن وثق الْمُلْتَقط بأمانة نَفسه وَيكرهُ أَن يخَاف خِيَانَة نَفسه وَيحرم إِن علم خِيَانَة نَفسه (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) فِي الْمُلْتَقط وَهُوَ كل مَال مَعْصُوم معرض للضياع كَانَ فِي مَوضِع عَامر أَو غامر سَوَاء كَانَ حَيَوَانا أَو جمادا على تَفْصِيل فِي ضوال الْحَيَوَان وَهُوَ أَنه إِن كَانَ من الْإِبِل وَوجد فِي الصَّحرَاء لم يلتقط وَإِن كَانَ من الْغنم التقطه وَاخْتلف فِي الْتِقَاط الْبَقر وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة) فِي ضَمَان اللّقطَة وَأَخذهَا على ثَلَاثَة أوجه إِن أَخذهَا واجدها على وَجه الإلتقاط لزمَه حفظهَا وتعريفها فَإِن ردهَا لموضعها ضمنهَا عِنْد ابْن الْقَاسِم خلافًا لأَشْهَب وَإِن أَخذهَا على وَجه الإغتيال فَهُوَ غَاصِب ضَامِن وَإِن أَخذهَا ليحفظها لمَالِكهَا أَو ليتأملها فَهُوَ أَمِين وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن ردهَا لموضعها وَلَا يعرف الْوَجْه الَّذِي قصد بأخذها إِلَّا من قَوْله وَهُوَ مُصدق دون يَمِين إِلَّا أَن يتهم وَسَوَاء أشهد حِين التقطها أَو لم يشْهد (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة) فِي تَعْرِيف اللّقطَة وينقسم بِحَسب ذَلِك إِلَى أَقسَام ((الأول)) الْيَسِير جدا كالتمرة فَلَا يعرف ولواجده أَن ياكله أَو يتَصَدَّق بِهِ ((الثَّانِي)) الْيَسِير الَّذِي ينْتَفع بِهِ وَيُمكن أَن يَطْلُبهُ صَاحبه فَيجب أَن يعرف اتِّفَاقًا وَاخْتلف فِي قدره فَقيل سنة كَالَّذي لَهُ بَال وَقيل أَيَّامًا ((الثَّالِث)) الْكثير الَّذِي لَهُ بَال فَيجب تَعْرِيفه سنة بِاتِّفَاق وينادي عَلَيْهِ فِي أَبْوَاب الْمَسَاجِد دبر الصَّلَوَات وَفِي الْمَوَاضِع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute