وَاخْتلفُوا فِيمَا سوى الْمَسْجِد الْحَرَام من الْمَسَاجِد.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز دُخُولهَا للْمُشْرِكين بِلَا إِذن.
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز لَهُم دُخُولهَا إِلَّا بِإِذن الْمُسلمين.
وَقَالَ مَالك وَأحمد: لَا يجوز لَهُم الدُّخُول بِحَال.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز لَهُم إِحْدَاث كَنِيسَة وَلَا بيعَة فِي المدن والأمصار فِي بِلَاد الْإِسْلَام.
ثمَّ اخْتلفُوا هَل يجوز إِحْدَاث ذَلِك فِيمَا قَارب المدن؟
فَقَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْموضع قَرِيبا من الْمَدِينَة بِحَيْثُ يكون حكمه حكم الْمصر بِحَيْثُ يجوز فِيهِ صَلَاة الْجُمُعَة أَو الْعِيدَيْنِ، وَهُوَ قدر ميل أَو أقل، وَهُوَ ثلث فَرسَخ فَلَا يجوز فِيهِ إِحْدَاث ذَلِك، وَإِن كَانَ الْموضع أبعد من هَذَا الْمِقْدَار جَازَ.
فَأَما إِذا كَانَ بَين الْبيُوت وَكَانَ ذَلِك الْموضع دون ثلث فَرسَخ فَهُوَ فِي حكم الْبَلَد لَا يجوز إِحْدَاث البيع فِيهِ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا تشعث من بيعهم وكنائسهم فِي دَار الْإِسْلَام أَو تهدم، هَل يرم أَو يجدد بِنَاؤُه؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: يجوز وَاشْترط أَبُو حنيفَة فِي الْجَوَاز أَن يكون ذَلِك فِي أَرض فتحت صلحا، فَأَما إِن كَانَت أَرض عنْوَة فَلَا يجوز.
فَإِن كَانَت فِي الصَّحَارِي، ثمَّ صَارَت مصرا، ثمَّ خربَتْ البيع وَالْكَنَائِس فَظَاهر مذْهبه يَقْتَضِي أَنهم يمْنَعُونَ من إِعَادَتهَا بيعا أَو كنائس بل على هَيْئَة الْبيُوت والمساكن.
وَيمْنَعُونَ أَيْضا من صلَاتهم فِيهَا واجتماعهم.
وَقَالَ أَحْمد فِي اظهر رواياته: لَا يجوز لَهُم ذَلِك بمرمة وَلَا تَجْدِيد بِنَاء على الْإِطْلَاق.
وَهِي اخْتِيَار أَكثر أَصْحَاب أَحْمد، وَمن أَصْحَاب الشَّافِعِي أَبُو سعيد