كتاب عمر إِلَى الْعمَّال فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر
وَقَالَ عُثْمَان بن كثير بن دِينَار إِن عمر بن عبد العزيزكتب إِلَى بعض عماله أما بعد فَإِنَّهُ لم يظْهر الْمُنكر فِي قوم قطّ ثمَّ لم ينههم أهل الصّلاح مِنْهُم إِلَّا أَصَابَهُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بأيدي من يَشَاء من عباده وَلَا يزَال النَّاس معصومين من الْعُقُوبَات والنقمات مَا قمع فيهم أهل الْبَاطِل واستخفي فيهم بالمحارم فَلَا يظْهر من أحد محرم إِلَّا انتقموا مِمَّن فعله فَإِذا ظَهرت فيهم الْمَحَارِم فَلم ينههم أهل الصّلاح نزلت الْعُقُوبَات من السَّمَاء إِلَى الأَرْض على أهل الْمعاصِي وعَلى المداهنين لَهُم وَلَعَلَّ أهل الإدهان أَن يهْلكُوا مَعَهم وَإِن كَانُوا مخالفين لَهُم فَإِنِّي لم أسمع الله تبَارك وَتَعَالَى فِيمَا نزل من كِتَابه عِنْد مثله أهلك بهَا أحدا نجى أحدا من أُولَئِكَ إِلَّا أَن يَكُونُوا الناهين عَن الْمُنكر ويسلط الله على أهل تِلْكَ الْمَحَارِم إِن هُوَ لم يصبهم بِعَذَاب من عِنْده أَو بأيدي من يَشَاء من عباده من الْخَوْف والذل والنقم فَإِنَّهُ رُبمَا انتقم بالفاجر من الْفَاجِر وبالظالم من الظَّالِم ثمَّ صَار كلا الْفَرِيقَيْنِ بأعمالهما إِلَى النَّار فنعوذ بِاللَّه أَن يجعلنا ظالمين أَو يجعلنا مداهنين للظالمين وَإنَّهُ قد بَلغنِي أَنه قد كثر الْفُجُور فِيكُم وَأمن الْفُسَّاق فِي مدائنكم وجاهروا من الْمَحَارِم بِأَمْر لَا يحب الله من فعله وَلَا يرضى المداهنة عَلَيْهِ كَانَ لَا يظْهر مثله فِي عَلَانيَة قوم يرجون لله وقارا وَيَخَافُونَ مِنْهُ غيرا وهم الأعزون الْأَكْثَرُونَ من أهل الْفُجُور وَلَيْسَ بذلك مضى أَمر سلفكم وَلَا بذلك تمت نعْمَة الله