وَأذن الصُّبْح مرّة وَعِنْده جَارِيَة يشرب عَلَيْهَا الْخمر؛ فَقَامَ فَوَطِئَهَا، وَحلف لَا يُصَلِّي بِالنَّاسِ غَيرهَا؛ فَخرجت وَهِي جنب سكرانة؛ فصلت بِالنَّاسِ {} .
وَالَّذِي أقوله أَنا فِي حق الْوَلِيد هَذَا: أَنه كَانَ فِي عقله خلل، وَإِلَّا وَإِن كَانَ زنديقا كَانَ يُمكنهُ أَن يتستر فِيمَا يَفْعَله من الْإِلْحَاد والزندقة؛ خوفًا من عواقب الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة: من قيام النَّاس عَلَيْهِ وخلعه من الْخلَافَة وَمَا أشبه ذَلِك، غير أَنه كَانَ نَاقص الْعقل مَعَ سوء اعْتِقَاد؛ فحملاه على مَا وَقع مِنْهُ.
وَلما كثر فسقه وَزَاد أمره خرج عَلَيْهِ النَّاس قاطبة، ونصبوا ابْن عَمه يزِيد بن الْوَلِيد ابْن عبد الْملك، ورشحوه للخلافة، وقاتلوا الْوَلِيد.
هَذَا، وَوَقع [لَهُم مَعَه] أُمُور يطول شرحها.
وَلما حوصر بِالْقصرِ دنا الْوَلِيد من الْبَاب فَقَالَ: أما فِيكُم رجل شرِيف لَهُ حسب ُأكَلِّمهُ؟ {فَقَالَ لَهُ يزِيد بن عَنْبَسَة: كلمني. فَقَالَ: يَا أَخا السكاسك، ألم أَزْد فِي عطياتكم، ألم أرفع عَنْكُم الْمُؤَن، ألم أعْط فقراءكم.} ؟
فَقَالَ: مَا ننقم عَلَيْك فِي أَنْفُسنَا، وَلَكِن ننقم عَلَيْك انتهاك [مَا] حرم الله وَشرب الْخمر، وَنِكَاح أُمَّهَات أَوْلَاد أَبِيك، واستخفافك بِأَمْر الله.
قَالَ: حَسبك، قد أَكْثرُوا.
وَرجع إِلَى الدَّار: فَجَلَسَ وَأخذ الْمُصحف وَقَالَ: يَوْم كَيَوْم عُثْمَان.
وَنشر الْمُصحف يقْرَأ فِيهِ، فعلوا الْحَائِط؛ فَكَانَ أَوَّلهمْ يزِيد بن عَنْبَسَة؛ فَنزل إِلَيْهِ وَسيف الْوَلِيد إِلَى جنبه، فَقَالَ: نح سَيْفك.
قَالَ الْوَلِيد: لَو أردْت السَّيْف كَانَ لي، وَلَك حَال غير هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute