للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ الْهَادِي: وَالله لأحدنك حد الْخمر؛ فَقَالَ: وَلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ {قَالَ: لِأَنَّك وصفتها وصف عَالم بهَا؛ فَقَالَ: أمني حَتَّى أَلحن بحجتي؛ فَقَالَ: تكلم وَأَنت آمن؛ فَقَالَ: أَجدت وصفهَا أم لم أجد؟} قَالَ: بل أَجدت. قَالَ: وَمَا يدْريك أَنِّي أَجدت؟ {إِن كنت مدحتها بطبعي دون معرفتي فقد شاركتني فِيهَا بطبعك دون معرفتك، وَإِن كنت مدحتها بالمعرفة فقد شاركتني بالمعرفة. فَضَحِك الْهَادِي وَقَالَ: نجوت مني بحيلتك، قَاتلك الله.

قلت: وَلم تطل مدَّته فِي الْخلَافَة، وَمَات بقرحة أَصَابَته فِي جَوْفه.

وَقيل: سمته أمه [الخيزران] لما أجمع [الْهَادِي] على قتل أَخِيه الرشيد.

وَقيل: إِنَّهَا سمته بِسَبَب آخر؛ وَهُوَ أَنَّهَا كَانَت حاكمة مستبدة بالأمور الْكِبَار، وَكَانَت المواكب تَغْدُو إِلَى بَابهَا؛ فزجرهم الْهَادِي عَن ذَلِك، وكلمها بِكَلَام فج وَقَالَ: إِن وقف ببابك أَمِير لَأَضرِبَن عُنُقه، أما لَك مغزل يشغلك أَو مصحف يذكرك أَو سبْحَة؟} فَقَامَتْ من عِنْده وَهِي لَا تعقل من الْغَضَب؛ فَقيل: إِنَّه بعث إِلَيْهَا [بعد ذَلِك] بِطَعَام مَسْمُوم، فأطعمت مِنْهُ كَلْبا فانتثر لَحْمه؛ فَعمِلت على قَتله لما وعك بِأَن غموا وَجهه ببساط جَلَسُوا على جوانبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>