وَكتب الْوَزير عَنهُ إِلَى الأقطار، وَعمل الموكب يَوْم الأثنين؛ فامتلأت دهاليز الدَّار بالعسكر يطْلبُونَ رزق الْبيعَة - أَعنِي النَّفَقَة - ورزق سنة أَيْضا.
وَلم يَأْتِ مؤنس يَوْمئِذٍ إِلَى دَار الْخلَافَة خوفًا من الْفِتْنَة؛ فارتفعت أصوات الرجالة، ثمَّ هجموا على نازوك - وَهُوَ بدار الْخلَافَة - فَقَتَلُوهُ، وصاحوا: [يَا مقتدر] ، يَا مَنْصُور؛ فتهارب من دَار الْخلَافَة الْوَزير والحجاب، ثمَّ صَارُوا إِلَى دَار مؤنس يطْلبُونَ المقتدر ليردوه إِلَى الْخلَافَة. وأغلق خدم المقتدر دَار الْخلَافَة؛ فَأَرَادَ أَبُو [الهيجاء بن] حمدَان الْخُرُوج؛ فَتعلق بِهِ الْخَلِيفَة القاهر وَقَالَ: تسلمني وَتخرج؛ فداخلته الحمية وَرجع مَعَه؛ فَقتل بعد أُمُور، وحز رَأسه.
ثمَّ أخرج المقتدر، وَحضر إِلَى دَار الْخلَافَة وَجلسَ بمجلسه، فَأتوهُ بأَخيه مُحَمَّد القاهر هَذَا، وأجلس بَين يَدَيْهِ؛ فاستدناه المقتدر وَقبل جَبينه وَقَالَ لَهُ: يَا أخي أَنْت وَالله لَا ذَنْب لَك. والقاهر يبكي وَيَقُول: الله الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي نَفسِي؛ فَقَالَ المقتدر: وَالله لَا جرى عَلَيْك مني سوء أبدا؛ فطب نفسا [وقر عينا] .
(وطيف بِرَأْس [أبي] ) الهيجاء وَرَأس نازوك بِبَغْدَاد.
وَنُودِيَ: هَذَا جَزَاء من عصى مَوْلَاهُ وَكفر نعْمَته؛ فسكن النَّاس.
وَأقَام القاهر عِنْد أَخِيه المقتدر مبجلا مُحْتَرما، إِلَى أَن أُعِيد إِلَى الْخلَافَة بعد موت [أَخِيه] [المقتدر - حَسْبَمَا يَأْتِي ذكره، إِن شَاءَ الله تَعَالَى -] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute