ثمَّ ودع السُّلْطَان الْخَلِيفَة [الْمُسْتَنْصر] . وسافر [الْمُسْتَنْصر] فِي ثَالِث ذِي الْقعدَة من سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة، وَسَار، إِلَى أَن نزل على الرحبة؛ فلقي عَلَيْهَا الْأَمِير عَليّ بن حَدِيثَة من آل فضل فِي أَرْبَعمِائَة فَارس؛ فرحلوا فِي خدمَة الْمُسْتَنْصر، إِلَى أَن نزل مشْهد على. ثمَّ إِنَّه تسلم عانة والحديثة، ثمَّ قصد هيت، فاتصل خَبره بقرابغا مقدم التتار بِبَغْدَاد.
وَبَات الْمُسْتَنْصر لَيْلَة الْأَحَد ثَالِث الْمحرم من سنة سِتِّينَ بِجَانِب الأنبار، فَلَمَّا أصبح وصل قرابغا الْمَذْكُور بِمن مَعَه من العساكر؛ فَاقْتَتلُوا؛ فَانْكَسَرت مُقَدّمَة التتار، وَوَقع أَكْثَرهم فِي الْفُرَات.
وَكَانَ قرابغا قد أكمن جمَاعَة من عسكره؛ فَخرج الكمين وأحاط بعسكر الْخَلِيفَة؛ فَقتلُوا عَسَاكِر الْخَلِيفَة، وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا من طول الله عمره.