للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَار فِي الْخلَافَة بعظمة زَائِدَة وَحُرْمَة وافرة - بِخِلَاف من تقدم من إخْوَته - إِلَى أَن اسْتهلّ [شهر] رَجَب سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِيَوْم الثُّلَاثَاء وَقع من المماليك السُّلْطَانِيَّة وَغَيرهم حَرَكَة كَبِيرَة، وأظهروا فِيهَا الْمُخَالفَة على السُّلْطَان. وَاجْتمعَ مِنْهُم خلائق تَحت القلعة، وهجموا بَيت الْأَمِير قوصون ودخلوه - كَمَا كَانَ فعل الْملك الْأَشْرَف أينال - وأمسكوا من نزل إِلَيْهِم من الْأُمَرَاء ومنعوهم من الْعود إِلَى القلعة. ثمَّ توجه بَعضهم إِلَى الْخَلِيفَة هَذَا وسألوه فِي الْحُضُور؛ فَقَامَ من وقته يَظُنهَا الكرة الأولى، وَحضر إِلَيْهِم فَلم ير مَا كَانَ رَآهُ تِلْكَ الْمرة؛ فندم على مَجِيئه حَيْثُ لَا ينفع النَّدَم.

[وَقد ذكرنَا أَمر هَذِه الْوَقْعَة فِي تاريخنا ((حوادث الدهور فِي مدى الْأَيَّام والشهور)) مُطَوَّلَة؛ فَلْتنْظرْ هُنَاكَ] .

وبينما هُوَ فِي ذَلِك انفض الْجمع بعد قتال هَين، وَتوجه الْقَائِم إِلَى منزله.

وَكَانَ السُّلْطَان لما بلغه الغوغاء من المماليك أرسل إِلَى الْقَائِم [هَذَا] أَنه يغيب من دَاره؛ فَلم يفعل. ثمَّ زَاد [من] أَنه حضر إِلَيْهِم؛ فَلم يبْق لَهُ عذر، وَعرف كل أحد بِمَا قَصده الْخَلِيفَة.

قلت: لله در الْقَائِل:

(أُمُور تضحك السُّفَهَاء مِنْهَا ... ويخشى من عواقبها اللبيب)

<<  <  ج: ص:  >  >>