فَلَمَّا وقف النَّاصِر على كِتَابه، أَمر لَهُ بصهيون؛ ليقيم بهَا. وَسَار بيبرس من ظَاهر الْقَاهِرَة، وَلم يحضر إِلَى النَّاصِر؛ فَعظم ذَلِك على النَّاصِر وَأرْسل بمسكه؛ فَأمْسك من قريب [مَدِينَة] غَزَّة.
وأحضر بَين يَدي النَّاصِر؛ فوبخه، وَعدد لَهُ ذنُوبه ثمَّ خنقه بِوتْر بَين يَدَيْهِ حَتَّى كَاد يهْلك، ثمَّ أطلقهُ وَزَاد فِي سبه، ثمَّ خنقه ثَانِيًا، إِلَى أَن مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَسَبْعمائة.
فَكَانَت دولة بيبرس على مصر دون السّنة.
وَكَانَ - رَحمَه الله - ملكا عَاقِلا ثَابتا، كثير السّكُون وَالْوَقار، جميل الصِّفَات، دبر مملكة النَّاصِر مُحَمَّد مَعَ سلار سنينا كَثِيرَة، وَحسنت سيرته.
وَهُوَ صَاحب الخانقاة دَاخل بَاب النَّصْر من الْقَاهِرَة.
وَكَانَ أَبيض أشقر، مستدير اللِّحْيَة، مليح الشيبة. وَهُوَ أول مُلُوك الجراكسة - إِن صَحَّ ذَلِك -. وَقيل: إِنَّه كَانَ تركي الْجِنْس.
قلت: والأقوى عِنْدِي أَنه كَانَ جركسيا؛ لِأَنَّهُ كَانَ بَينه وَبَين آقوش الأفرم نَائِب دمشق صداقة عَظِيمَة. وَقيل: قرَابَة. والأفرم كَانَ جركسيا؛ فعلى هَذَا يكون بيبرس [الجاشنكير] جركسيا؛ لكَونه قرَابَة الأفرم. إنتهى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute