ثمَّ وَافق منطاش الأتابك يلبغا الناصري اليلبغاوي نَائِب حلب، وقويت شوكتهما، فَجهز لَهما الظَّاهِر عسكرا عَلَيْهِ خَمْسَة من [أُمَرَاء الألوف] : أيتمش البجاسي الأتابك، وَأحمد بن يلبغا الْعمريّ أَمِير مجْلِس، وجاركس الخليلي اليلبغاوي أَمِير آخور، وأيدكار الْعمريّ حَاجِب الْحجاب، وَيُونُس النوروزي الدوادار، وَخَمْسمِائة مَمْلُوك، وَجَمَاعَة كَثِيرَة من أُمَرَاء الطبلخانات والعشرات.
وَخَرجُوا من الْقَاهِرَة، والتقوا بالناصري ومنطاش [بِدِمَشْق] ؛ فأنكسر عَسْكَر السُّلْطَان، وَقبض على أيتمش، وَقتل جاركس [الخليلي] وَيُونُس [الدوادار] . وَعصى ابْن يلبغا وأيدكار الْحَاجِب على برقوق، ووافقا الناصري.
وَمن يَوْم ذَاك أَخذ أَمر برقوق فِي انحطاط، وَأمر الناصري ومنطاش فِي تزايد، إِلَى أَن ملكا الديار المصرية من غير قتال، وَهُوَ أَنه: لما قدم الناصري بعساكره، وَنزل خَارج الْقَاهِرَة - عِنْد قبَّة النَّصْر - لم ينْهض برقوق لقتاله - خذلانا من الله تَعَالَى وَزَوَال نعْمَة - وَجبن حَتَّى عَن حفظ قلعة الْجَبَل، بل أرسل إِلَى الناصري نمجاة الْملك مَعَ الْأَمِير أبي بكر بن سنقر الْحَاجِب الثَّانِي والأمير بيدمر المنجكي شاد الْقصر (وَأَمرهمَا أَن يأخذا لَهُ [من الناصري] الْأمان؛ فتوجها إِلَى الناصري، وسألاه فِي ذَلِك خلْوَة؛ فَاعْتَذر إِلَيْهِمَا الناصري من أَنه لَا يُطيق يُعْطِيهِ الْأمان؛ لما يعلم مَا أضمره منطاش وَغَيره للظَّاهِر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute