وَلما تسلطن سر النَّاس بسلطنته، وَمَا ذَاك إِلَّا لقطع جاذرة الجلبان، وَأَيْضًا لمحاسنه؛ فَإِنَّهُ كَانَ مليح الشكل، كَبِير اللِّحْيَة أصهبها، قد شَاب أَكْثَرهَا، للطول أقرب، مَعَ رشاقة فِي قده، وهيف وحلاوة شكل، وَمَعْرِفَة بفنون الفروسية كالرمح، والنشاب، والمحمل، والكرة وَغير ذَلِك.
وَفِيه حذق، وذوق، ومشاركة قَليلَة فِي علم الْقرَاءَات بِحَسب الْحَال [وَأَبْنَاء جنسه] .
وَبِالْجُمْلَةِ؛ أَنه كن فِيهِ محَاسِن، لَوْلَا طمع كَانَ فِيهِ وشح، وأفعال مماليكه الأجلاب فِي الْمُسلمين، تِلْكَ الْأَفْعَال القبيحة [الَّذِي قد ذكر أَكْثَرهَا فِي تاريخنا الْحَوَادِث. و] بِهَذَا الْمُقْتَضى طلب النَّاس مَوته؛ وَزَوَال دولته.
وَفَرح النَّاس بِمَوْتِهِ قاطبة، حَتَّى الْيَهُود وَالنَّصَارَى؛ فهم كَانُوا أَكثر مظْلمَة مَعَ الأجلاب من الْمُسلمين.
وَلَيْسَ محبته لمماليكه الأجلاب بعجيب، وَإِنَّمَا الْعجب أَنه أَقَامَ نَحْو السنتين من سلطنته وَنحن نتحاكى مَعَه أَفعَال أجلاب الْأَشْرَف أينال، وَهُوَ أعظم حاك عَنْهُم، ثمَّ ينشئ [هُوَ] بعد ذَلِك أجلابه ويرضى بأفعالهم مَعَ عظم انكاره على من كَانَ قبلهم! .
قلت: وَعظم الْملك الظَّاهِر خشقدم بِآخِرهِ، وخافه الْخَاص وَالْعَام، إِلَى أَن مرض، وَطَالَ مَرضه، [إِلَى أَن مَاتَ] [بعد ظهر يَوْم السبت] عَاشر ربيع الأول سنة إثنتين وَسبعين وَثَمَانمِائَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute