وَلما تمت الْوَقْعَة وطلع الأتابك [قايتباى] إِلَى الإصطبل السلطاني حسن لَهُ أَصْحَابه الْوُثُوب على الْأَمر؛ فَامْتنعَ من ذَلِك، فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أذعن. وخلع [الْملك الظَّاهِر] تمربغا [هَذَا] وتسلطن عوضه؛ [فَكَانَ ذَلِك] فِي باكر نَهَار الأثنين سادس رَجَب من سنة إثنتين وَسبعين [الْمَذْكُورَة] .
فَكَانَت مُدَّة ملكه شَهْرَيْن إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا.
وَأقَام بعد خلعه بالبحرة، إِلَى لَيْلَة الْأَرْبَعَاء [ثامنه] سفر إِلَى ثغر دمياط؛ ليقيم بِهِ على أحسن وَجه، وَكَانَ سَفَره أَيْضا إِلَى دمياط فِي النّيل وَلَيْسَ مَعَه مُسْفِر من الْأُمَرَاء. [هَذ] بعد أَن أمعن السُّلْطَان فِي إكرامه واحترامه ووداعه، وَاعْتذر إِلَيْهِ عَن وثوبه [على السُّلْطَان] .
وَقبل [الْملك] الظَّاهِر تمربغا عذره وشكره على [مَا] فعله مَعَه [من إكرامه لَهُ] ، وتفارقا على ذَلِك.
وَبِالْجُمْلَةِ؛ إِنَّه لم يَقع لملك بعد خلعه من السلطنة من الْإِكْرَام مَا وَقع لَهُ.
وَأما التَّعْرِيف بِهِ: فَهُوَ رومي الْجِنْس -[كَمَا تقدم]- من مماليك الظَّاهِر جقمق وعتقائه، رباه صَغِيرا، واختص بِهِ، ورقاه، إِلَى أَن جعله خاصكيا، ثمَّ سلَاح دَار، ثمَّ خازندار، ثمَّ دوادارا ثَانِيًا.
ثمَّ صَار فِي دولة وَلَده [الْملك] الْمَنْصُور دوادارا كَبِيرا، ثمَّ امتحن بعد خلع الْمَنْصُور، وَحبس نَحْو سِتّ سِنِين، [ثمَّ أخرج إِلَى مَكَّة؛ فَأَقَامَ بهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute