للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحكى أَن عبد الْملك كَانَ إِذا دخل عَلَيْهِ رجل يَقُول لَهُ: اعفني من ثَلَاث وَقل مَا شِئْت بعْدهَا: لَا تكذبني فَإِن الكذوب لَا رَأْي لَهُ، وَلَا تجبني فِيمَا لَا أَسأَلك عَنهُ، وَلَا تطرني فَإِنِّي أعلم بنفسي مِنْك، وَلَا تحملنِي على الرّعية. وَكَانَ عبد الْملك كثيرا مَا يجلس مَعَ أم الدَّرْدَاء؛ فَقَالَت لَهُ مرّة: بَلغنِي أَنَّك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ شربت الطلا بعد [النّسك وَالْعِبَادَة] ! قَالَ: إِي وَالله، والدماء.

وَقيل: لما احْتضرَ عبد الْملك دخل [عَلَيْهِ] الْوَلِيد [وَلَده] يعودهُ، فتمثل عبد الْملك [فَقَالَ] :

(كم عَائِد رجلا وَلَيْسَ يعودهُ ... أَلا ليعلم هَل يرَاهُ يَمُوت)

قيل: إِن عبد الْملك رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ بَال فِي محراب النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- أَربع بولات؛ فتأثر من ذَلِك، وَسَأَلَ أهل التَّعْبِير فعبروا لَهُ أَنه: يتَخَلَّف من أَوْلَاده لصلبه أَرْبَعَة؛ فَكَانَ كَذَلِك، وهم: الْوَلِيد، وَسليمَان، وَيزِيد، وَهِشَام الْآتِي ذكرهم - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -.

وَتُوفِّي عبد الْملك فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ من الْهِجْرَة. وَكَانَت خِلَافَته إِحْدَى وَعشْرين سنة وأشهرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>