" أجني " إلى معنى: أجدّي، فهذا اقرب مأخذاً من أن يقول إنه أراد: من أجل أني، ثم حذف حرف الجر فصار: أجل أني، ثم حذف الهمزة من أجل والهمزة من أن واللام أيضا وكسر الجيم لأن هذه أعمال كثيرة، ولك عن جميعها سعة ومندوحة.
فأجابه ساعدة بن عمرو " من الوافر ":
فزلت تُحمَل الموصولَ حتى ... تنيك من الكنائن رابَ عشر
قال: الموصول: السيف، وراب عشر مثل قوله: قاب، ينبغي أن يكون قبل للسيف الموصول لما وصل به من قائمه، وأما الكنائن فجمع كَنّة أنشدنا أبو علي " من الوافر ":
وأنّ كنائني لنساء صِدق ... وما ألّى بنيّ ولا أساءوا
ونحو من كنة وكنائن، حرة وحرائر وجزة وجزائر وحقة وحقائق ولصة ولصائص وظنة وظنائن وهمة وهمائم - تأنيث شيخ هم -، وعثة وعثائث. وقوله " تحمل الموصول " أي تجعل له حمائل، ولم يذكر أبو سعيد هذا بشيء. وقوله في " راب عشر " أي قاب، معناه زهاء عشر. ومقياس عشر كقول الله سبحانه:(فكان قاب قوسين) أي: قياس قوسين. وعينه عندي ياء لأنه من الريب، وذلك أن الذي يقيس على الشيء لا بد فيه من ترخيم وتظن، وليس مم يُعلم قياسا بمنزلة ما يدرك ضرورة وعياما، فالنفس به كالمستريبة وليست فيه على يقين علم المشاهدة، ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:" إنكم لترون ربكم كما ترون ليلة البدر لا تضامون في رؤيته "، أي: لا تلقكم فيه كلفة البحث والنظر بل يُعْلَمُ القديم سبحانه ضرورة لا استدلالاً ولا قياسا.