أجنّي كلما ذُكرت قُريمٌ ... أبيت كأنني أُكوى بجَمْرِ
قال قوله:" أجنّي " أراد من أجل أني، وكلمة يقولونها:" لا حين بك " أي لا خفاء بك، وهو ظاهر أي أدرك ما أردت ولا خفاء بما تريد. معناه يرجع عندي إلى أنه قال: أبجدّي كلما كان كذا وكذا، وتأويل ذلك أن " ج ن ن " إنما هي موضوعة لخفاء الشيء ومنه الجن، ولذلك قيل لهم الخافي لاستتارهم، قال القُحيف " من الوافر ":
ديارُ الحي تضربها الطِلالُ ... بها أهل من الخافي ومال
ومنه الجنان القلب لاستتاره، وجنون الليل أي ظلمته، وكذلك بقية الباب ومنه قولهم: لا جن بهذا الأمر أي لا خفاء به، فكذلك قوله:" أجني كلما ذكرت قريم أبيت كذا " أي: أبجد مني ذلك، والجد في الأمر مما يلابس الفكر ويجنه القلب ويشعره الفكر، وكأن النفس مُجِنّة له ومنطوية عليه كقوله:
وحفظة أكَنَّها ضميري
أي: أضمرها وأجنها وانطوى عليها، وقوله:
ثم انطويت على غمر
وقول الآخر " من الخفيف ":
ولنقل الجبال أهون من بث حدي ... ث، حنت عليه الضلوعُ
وهذا باب واسع جدا في الشعر القديم والمولد جميعا؛ فلهذا ما رجع قوله