للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢٤) وقال عمر بن قيس المخزومي من هُذيل

" من الوافر "

أجنّي كلما ذُكرت قُريمٌ ... أبيت كأنني أُكوى بجَمْرِ

قال قوله: " أجنّي " أراد من أجل أني، وكلمة يقولونها: " لا حين بك " أي لا خفاء بك، وهو ظاهر أي أدرك ما أردت ولا خفاء بما تريد. معناه يرجع عندي إلى أنه قال: أبجدّي كلما كان كذا وكذا، وتأويل ذلك أن " ج ن ن " إنما هي موضوعة لخفاء الشيء ومنه الجن، ولذلك قيل لهم الخافي لاستتارهم، قال القُحيف " من الوافر ":

ديارُ الحي تضربها الطِلالُ ... بها أهل من الخافي ومال

ومنه الجنان القلب لاستتاره، وجنون الليل أي ظلمته، وكذلك بقية الباب ومنه قولهم: لا جن بهذا الأمر أي لا خفاء به، فكذلك قوله: " أجني كلما ذكرت قريم أبيت كذا " أي: أبجد مني ذلك، والجد في الأمر مما يلابس الفكر ويجنه القلب ويشعره الفكر، وكأن النفس مُجِنّة له ومنطوية عليه كقوله:

وحفظة أكَنَّها ضميري

أي: أضمرها وأجنها وانطوى عليها، وقوله:

ثم انطويت على غمر

وقول الآخر " من الخفيف ":

ولنقل الجبال أهون من بث حدي ... ث، حنت عليه الضلوعُ

وهذا باب واسع جدا في الشعر القديم والمولد جميعا؛ فلهذا ما رجع قوله

<<  <   >  >>