غَداةَ تساهمنا الطريقَ فبزنا ... سوام كقَلْس البحر جونٌ وأبْقَعُ
قال: قلس البحر: السحاب، ينبغي أن يكون سمى بذلك تشبيها بأحاليل اللبن أي مجاريه، وذلك لأن الوادي مجرى السيل، ولذلك قيل له وادٍ لأنه فاعل من " ودَى يَدى " أي سال، قال أبو علي: ومنه الوديّ لما يخرج من جذع النخلة الأكبر كأنه شيء سال منها، ومنه عندي الدية، ألا ترى إنه شيء يُتَحلَّبُ دفعة بعد أخرى على ترتيب أدائها من المُؤدِّي لها إلى مستحقها فكأنها استحلبت شيئا فشيئا. ولم يصرف " أحليل " لأنه ذهب به إلى البقعة، ومثله قراءة من قرأ:" إِنَّكَ بالوادي المُقَدَّسِ طُوى " فلم يصرفه للتعريف والتأنيث.
ومثله قول طفيل " من الطويل ":
جلبنا من الأعراف أعرفِ غمرةٍ ... وأعرافِ لُبْن الخيل من خير محلبِ
و" لُبْن " اسم جبل، إلا أنه ذهب به إلى تأنيث البقعة فلم يصرفه. وقوله " لأنبئت " بعد قوله " ولو ساءلت " فيه ترك الغيبة إلى الحضور ومثله قوله الله سبحانه: (الحمد لله رب العالمين) ثم قال: (إِياكَ نعبد)، وقال عنترة " من الكامل ":
شطت مزار العاشقين وأصبحت ... عسراً عليّ طلابك ابنة مخرم