لعمر بني هند لقدّ دقَّ مضغكم ... ويؤتم إلى أمرٍ إليّ عجيبِ
قال:" دق مضغكم ": صغر شأنكم، هذا تفسير على المعنى لا على اللفظ، ألا ترى إن أحدا لا يسمه الشأن مضغاً. وتفسير معناه إنه استصغر شأنهم فسماه مضغا لأن هذه كلمة بُكنى بها عن الضعة والصَّغار كقولك: جاءني يمضغ كلامه، أي وكلامه فاتر ساقط.
ومنها:
ولم يُجْدِ فعلي نقرةً بُمسافعٍ ... فيُثنى أمناً كان غير مثيب
معناه: فعلي بمسافع، فإن حملته على هذا كان فيه الفصل بالأجنبي، ألا ترى إن الباء كانت تكون من صلة " فعلي " وقد فَصَلْتَ بينهما بقولك " نقرةً " أجنبية منهما لأنها منصوبة ب " يُجْدِ " فإذا كان كذلك حملته على مضمر محذوف يدل عليه " فعلي " كأنه قال فيما بعد: فعلت بمسافع، ونظيره قول الله سبحانه:(إنَّ الذينَ كفروا يُنادَون لَمَقْتُ الله اكبرُ مِنْ مقتِكم أنفسكُمْ إذ تُدْعَون إلى الإيمان فتكفرون)، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع.