ما نال " هو مفعول نلتُ كقولك من الماء شربت ومن الطعام أكلت فإذا استوفى مفعوله علمت أن الهاء في " نلته " إنما هي ضمير مصدر لا ضمير مفعول، وكذلك قول الآخر وهو من أبيات الكتاب " من البسيط ".
هذا سراقَةُ للقرآن يدرُسُهُ ... والمرء عند الرشا أن يلقها ذيب
أي يدرس درسا. ألا ترى أن قوله " للقرآن " هو مفعول " يدرس "، فإن قلت فإن هذا الفعل لا يتعدى باللام، ألا تراك لا تقول: درست للقرآن، فإنه لما قدمه جاز إلحاق اللام به لأن تقديم المفعول يضعف الفعل شيئا. ألا ترى إلى قول الله تعالى:(إنْ كُنْتُمْ للرؤيا تَعْبُرون). أي: تعبرونها. فإذا جاز " أريد لأنسى ذكرها وأردت لكيما لا ترى لي ذلّةً، فهو مع التقديم أجوز من ضمير المصدر. قراءة ابن عامر: فبهُداهم اقتدِ ": أي اقتد الاقتداء. ومنه قولهم: من كذب كان شرا له وابلغ من قوله: " من الوافر ":
إذا نُهى السفيهُ إليه ... وخالَفَ والسفيهُ إلى خلاف
أي إلى السَفه، ألا ترى أنه لم يذكر فعلا فيدلّ على مصدره وإنما ذكر اسما وهو السفيه. ودلالة الفعل على مصدره أقوى من دلالة السم عليه، فالهاء إذن ي " عتبنُه " منصوبة على المصدر، ويجوز أيضا أن تكون منصوبة لأنها مفعول له فيصير تقديره: ما فيهم أعتاب إن عتبت له ومن أجله. أي من أجل امتناعه. فحذف المضاف كقوله " من المتقارب ":
وأهلَكَ مهرَ أبيكَ الدواءُ ... ليس له من طعامٍ نصيب