وكنا إذا الجبار صَعَّرَ خده ... ضربناه فوق الأنثيين على الكَرْدِ
يريد بالأنثيين الادنيين، ومنه قولهم لبيضتي الإنسان: الأنثيان. وهذا مما يضعف عندك التذكير في نحو:" حسن دارك "، و " اضطرم نارك "، وإن كان تأنيثا غير حقيقي، ألا ترى أنه قد أطلق لفظ " أنثى " على ما لا حقيقة تأنيث فيه إطلاقه على المرأة والجارية ونحوه، فكما لا يجوز:" قام المرأة " كذلك يضعف: " حسن دارك " فاعرفه.
وفيها:
وأنْ يجدوا يوماً على بظر أمهم ... طعاماً فلا رعوى عليه ولا قصد
وضع كل واحد من المفردين موضع الجميع أي: بظور أمهاتهم. ومنه:" من الوافر ":
كلوا في بطن بطنكم تَعِفّوا ... فإن زمانكُمْ زَمَنٌ خَميصُ
وقال: الرعوي: البُقيا، شيء يرجع إليه، أرعوي: رجع. وهذا كلام يفهم من ظاهره أن الرعوي من لفظ أرعويت، وليس الأمر فيما عند أهل التصريف كذلك وإنما هو عندهم من لفظ رعيت، وأصلها " رعيا " إلا إن اللام قلبت واواً لأن " فعلى " هنا اسم لا صفه. وقد سبق القول على هذا. وعلى أن بعض أصحابنا ذهب إلى أن " أرعويت " ليس لامه في الأصل واوا بل اصله عندهم " أرعيت " فكره اجتماع الياءين فقلبت الأولى واوا ليختلف اللفظان، وكأن قائل هذا القول شجع عليه من موضعين. أحدهما: أن معنى أرعويت من معنى المباناة والرعاية، والآخر: انه لم يأت عنهم لفظ " ر ع و "، فلما كان المعنى واحدا ولم يجد لفظ " ر ع و " في الكلام جمله على أنه من لفظ " رعيت " وأن البدل وقع رغبة في اختلاف الحرفين كما وقع في الحيوان على ما رآه الخليل.