" هذه جرأة جريئة " و " هذا شعر شاعر " وكقوله " من الطويل ":
ولولا دفاع الله ضَلَّ ضلالنا ... ولسرنا إنا نُشَلَ ونوأد
وكقولهم:" جن جنونه " و " خرجت خوارجه ". ومنه قول الله سبحانه:(فاذْكُروا اللهَ كذِكرِكُم آباءكُمْ أو أشَدَّ ذِكراً). وكأنه قال والله أعلم: أو ذكراً أشد ذكرا، فجعل للذكر ذكرا مبالغة. وذاكرت أبا علي رحمه الله بهذه الآية فأخذ ينظر فيها مستأنفاً للنظر ويردد من القول ما دلني إنه لم يكن قدم فيها فيما قبل نظرا فعجبت من ذلك مع كثرة بحثه وطول مزاولته. فأن قلت فهلا كان تقديره عندك:(فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو ذكراً أشد) ثم قدم وصف النكرة عليها فنصب على الحال منها كقوله " من الوافر ":
لمية موحشاً طلل قديم ... عفاه كل أسحم مستديم
قيل إن هذا باب ذكره سيبويه إنه قلما يجيء غي الكلام واكثر ما يجيء في الشعر، وما كانت هذه حاله لم يحسن حمل التنزيل عليه. وقال البريق بن عياض من أبيات " من الطويل ":
وكنت إذا الأيام أحدثن هالِكا ... أقول شَوى ما لم يُصِبْنَ صميمي