للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيها:

فقلتُ له وليس علي خداع ... مُجيبا للنصيح وانْ عصاه

فاعل " عصاه " مضمر يدل عليه الحال أي: وان عصاه قلبي، يدل على ذلك البيت الذي قبله والبيت الذي بعده. وقال البريق أيضا " من الوافر ":

فأمّا أُمسِ لا فتيانَ عندي ... فقد قَطَّعْتُ بالفتيان عَيْشي

في هذا البيت دلالة على جواز تكسير أمثلي الجموع وذلك كقوله: لا فتيان عندي، ألا ترى أن " لا " المبنية مع الاسم بعدها إنما ذلك الاسم واحد يدل على جنسه كقولنا: " لا غلام لك "، ففي هذا نفي جميع الغلمان، فالغلام إذن واحد وقع موقع جنسه. فكذلك قوله: " لا فتيان عندي " إذا فُصَل هذا الجنس فتيانا، ففتيان ها هنا كالواحد الدال على جنسه، وإذا كان في حكم الواحد حَسُنَ تكسيره فكأنه نفى جميع الفتايين لان محل فتيان من فتايين لو نطق به محل رجل من رجال، ونحوه أيضا ما أنشده أبو الحسن من قوله:

كم دون سلمى فلوات بيدُ

وكذلك قوله جل وعز: (كم تروا من جناتٍ وعيونٍ) فهذا كقولك: " كم تركت من دار وبستان ". فدخول " من " عليه يشهد بأنه تحت الجمع الذي فوقه، ألا ترى إن " من " هنا لا يأتي بعدها الواحد إلا نائبا عن جماعة ودالا عليها، وعلى هذا جاء عنهم " عُريان " و " عرايين "، و " عقبان " و " عقابين "، قال " من الطويل ":

عقابين يوم الجن تعلو وتَسْفُلُ

<<  <   >  >>